عن أي ثغر تبتسم |
|
وبأي طرف تحتكم |
وكان من عادة البحتري اذا انشد تشدن وتزاور في مشيه مرة جائيا ومرة القهقرى ، ويهز رأسه مرة ، ومنكبه اخرى ، ويشير بكمه ويقول احسنت والله لا يحسن احد ان يقول مثله. فضجر الخليفة من ذلك وقال للصميري ، اهجه على نفس الروي ، فقال أبو العنبس ارتجالا :
في أي سلح ترتطم |
|
وبأي كف تلتقم |
ادخلت رأسك في الحرم |
|
وعلمت انك تنهزم |
فغضب البحتري وخرج. الا ان المتوكل على الله ضحك كثيرا وأمر لأبي العنبس بعشرة آلاف درهم (١).
ويظهر من رواية أبي الفرج ان البحتري عزم اثر هذه الحادثة على الخروج الى منبج بغير اذن الخليفة ، اذ رأى ان العلم ضاع وان الأدب هلك. فنصحه أحد أخوانه الا يفعل من هذا شيئا لأن الملوك تمزح باعظم مما جرى ، واخذه الى الفتح بن خاقان ، فشكا البحتري اليه ، فقال له نحوا من ذلك وخلع عليه فسكن الى ذلك (٢).
وكان المتوكل على الله أظهر في مجالسه اللعب والمضاحك والهزل. فاحضر أصحاب السماجة ـ المثلون الهزليون ـ واستأنس بحركاتهم. ويقول المسعودي لم يكن احد ممن سبقه من خلفاء بني العباس ظهر في مجلسه اللعب والمضاحك والهزل ، فانه
__________________
(٣٤) معجم الادباء ٦ / ٤٠٤ ـ ٤٠٦.
(٣٥) الاغاني ٢١ / ٥٣.