ويروي محمد بن الحارث قصة عن غيرة الواثق بالله من أخيه جعفر لما كان بينهما من نفرة وتباغض. اذ غضب ذات ليلة على جاريته فريدة وهي تغنيه وقد سحرته بجمالها ودلالها ، فتبادر الى ذهنه انها ستؤول بعد موته الى أخيه جعفر فآلمه ذلك مما دفعه الى ضربها وطردها من حجرته ، ثم ما لبث ان صالحها (١).
شارية :
أما شارية جارية ابراهيم بن المهدي الذي دربها على الغناء ، فقد اصبحت في أيام الواثق بالله احسن واشهر مغنية ، بحيث اخذت تنافس المغنية الشهيرة عريب المأمونية ، وغدا الناس بسر من رأى متحازبين ، قوم مع شارية وقوم مع عريب (٢).
وكان الواثق بالله يقدر فنها ويحترمها ويسميها «ستي» وقد أوكل اليها تعليم جاريته فريدة ، فلم تأل جهدا في تعليمها أصول الغناء والضرب على العود حتى وقع بينهما خلاف ، فحلفت أن لا تطرح عليها بعد ذلك صوتا الا نقصت من نغمته (٣).
عريب :
لم تكن عريب مقربة من الواثق بالله ، رغم براعتها في الغناء. لانها كانت من مؤيدي العباس بن المأمون ضد المعتصم بالله. وقد سبق ان كشفت علاقتها بذلك أيام كان المعتصم بالله يحارب في بلاد الروم. وكانت تعرض بالواثق بالله منذ ان كان أميرا وتسميه الأعور الليلي (٤) ، لانه كان كثير السهر. كما كانت تكايده فيما
__________________
(١١٩) مفصل الخبر في الاغاني ٤ / ١١٥ ـ ١١٨.
(١٢٠) الاغاني ١٦ / ١٤ ، ونهاية الارب ٥ / ٨٧.
(١٢١) الاغاني ١٦ / ١٢ ـ ١٣.
(١٢٢) نفس المصدر ٢١ / ٧٧.