الشغف بغنائه ، حتى انه خصص له حجرة في قصره ليكون قريبا منه دائما. ولا يسمح له بالذهاب الى منزله الا يوما واحدا في الاسبوع. وكانت جواري الواثق بالله اذا اختلفن في لحن ما ، أمرهن ان يعرضنه على مخارق ليقرر اللحن الصحيح. ويروي هارون ابن مخارق ان اباه انصرف مرة في نوبته الى منزله فصلى الغداة مع الفجر في صحن الدار في يوم صائف. فدخل خدم الواثق بالله ، وكان بعث بهم اليه ليصحح لهم صوتا كان قد طرحه عليهم فاختلفوا في ادائه. فاندفع مخارق يردد الصوت عليهم. ويبدو ان غناءه كان شجيا بحيث تجمع حوله جواري الدار وغلمانه ، كما بكي ابنه من فرط تأثره. فلما قطع مخارق الصوت حين استوفاه انفض الجمع من حوله (١).
وغنى مخارق يوما بحضرة الواثق بالله :
حتى اذا الليل خبا ضوءه |
|
وغابت الجوزاء والمرزم |
خرجت والوطء خفي كما |
|
ينساب من مكمنه الأرقم |
فاستملح الواثق بالله الشعر واللحن فصنع على نحوه (٢).
قالت اذا الليل دجا فأتنا |
|
فجئتها حين دجا الليل |
خفي وطء الرجل من حارس |
|
ولو درى حل بي الويل |
وكان مخارق يلهي بغنائه أحيانا غلمان الخليفة عن اداء واجباتهم. فقد روى ابن حمدون انه كان مع عدد من الندماء
__________________
(٨٤) نفس المصدر ١٨ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣.
(٨٥) نفس المصدر ٩ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠.