قال السائل : فاخبرني عن البلد كيف اختلفت بحسب طبيعة تربتها؟ قال حنين : ان كانت أرضها حجرية جعلت ذلك البلد أبرد وأخف. وان كانت تربة البلد حصيائية جعلت ذلك البلد أخف وأسخن ، وان كانت طينا جعلته أبرد وأرطب.
قال : فلم اختلف الهواء من قبل البحار؟ قال حنين : اذا جاورت نقائع الماء أو جيفا أو بقولا عفنة ، أو غير ذلك مما يتعفن ، تغير هواؤها.
فلما كثر الكلام من السائل والمجيب ضجر الواثق ، فقطع المحاورة ، واجاز كل واحد ممن حضر المجلس (١).
ويتضح مما ذكره المسعودي عن مجلس الواثق بالله ان حنين بن اسحاق كان قد أجاب على عديد من أسئلة الخليفة في علم الطب ، فصنف ذلك في كتاب أسماه «المسائل الطبية» ذكر فيه أنواعا من العلوم (٢). ويقول ابن أبي أصيبعة ان كتاب المسائل هذا هو المدخل الى صناعة الطب ، لانه جمع فيه جملا وجوامع تجري مجرى المباديء والأوائل لهذا العلم ، وليس جميع الكتاب لحنين بل ان تلميذه حبيش الاعسم تممه ، ولذلك يعنون هذا الكتاب بكتاب المسائل لحنين بزيادات حبيش الاعسم ، وقيل ان حنين بن اسحاق شرع في تأليف هذا الكتاب في أيام الخليفة المتوكل على الله (٣).
ويغلب على الظن ان حنين بن اسحاق جمع أجوبته في مجالس الواثق بالله ، وجعلها كتابا واحدا في عهد المتوكل على الله ، وان ابن أخته حبيش ساعده في جمعه واضاف اليه بعض المواضيع. على انه
__________________
(٧) وقيل ان الواثق بالله كلف أحد الحاضرين في المجلس ان يسأل حتين بن اسحاق بحضرته وهو يسمع ما يدور من المناقشة. مروج الذهب ٤ / ٨١ ـ ٨٣.
(٨) مروج الذهب ٤ / ٨١ ، وجاء فيه اسم الكتاب «المسائل الطبيعية».
(٩) عيون الانباء / ٢٧١.