ذلك من جدل ومناقشة. ويترك للجميع الحرية التامة في ابداء آرائهم وملاحظاتهم.
وكثيرا ما كان الواثق بالله يجيز من يحضر هذه المجالس من الادباء والمتطببين وغيرهم جوائز سنية تشجيعا لهم. ولا ينكر ان قيام الخليفة بعقد مثل هذه المجالس وحضوره فيها وتشجيعه من يحضرها ، ومناقشة ما يدور فيها ، يعتبر حافزا مهما للعلماء والادباء على السعي لتقديم خير ما يتوصلون اليه من معلومات وآراء. وان المناظرات التي كانت تقوم حول تلك الآراء والأفكار التي تعرض في أي موضوع من مواضيع الشريعة أو العلم أو اللغة أو الأدب مما يغنى المعرفة الانسانية في هذه الحقول.
وكان الواثق بالله يطلب أحيانا ممن يجيب على اسئلة معينة أن يضيف أجوبته في كتاب. ولا ينكر ان شخصية الواثق بالله وشغفه بالعلم والأدب ، واعتناقه آراء المعتزلة ، وايمانه بحرية الرأي ، كان لها تأثير مهم في تنشيط الحركة العلمية والادبية على عهده.
١ ـ من مجالسه العلمية :
اعتاد الواثق بالله ، كما أشرنا ، ان يتساءل في هذه المجالس عن قضايا ومواضيع علمية تتناول الطب وشؤون الصحة ، ومواضيع فلكية وفلسفية وغيرها. وكان في بعض الاحيان يخص باسئلته كبار الحاضرين من الفلاسفة والأطباء. وقد احتفظ لنا المؤرخ المسعودي بنماذج لما كان يدور من المناقشات في هذه المجالس (١). فقد سأل الواثق بالله يوما جلساءه من المتطببين والفلاسفة عن كيفية ادراك الطب ، وهل ان أصوله من الحس أم من القياس ، أم انه يدرك بالعقل أو السمع. فأجاب الحاضرون اجابات مختلفة (٢). ومن
__________________
(٢) مروج الذهب ٤ / ٧٧ ـ ٨٣.
(٣) نفس المصدر / ٧٧ ـ ٨٠.