الفصل الثاني
مجالس الواثق بالله
مقدمة :
كان الواثق بالله محبا للنظر مكرما لأهله ، مبغضا للتقليد ، محبا للاشراف على علوم الناس وآرائهم ، ممن تقدم وتأخر من الفلاسفة وغيرهم (١). والى جانب مجالس اللهو التي اعتاد ان يعقدها لسماع الغناء والموسيقى ومناقشة الالحان ، فقد كان يعقد مجالس خاصة يحضرها رجال الادب والعلم والفلسفة والطب ، لبحث ما يثار من القضايا الادبية واللغوية والتأريخية والمواضيع العلمية والفلسفية المختلفة ، ولسماع الشعر والاخبار ، وتفهم فحوى ومعاني ما يعرض من ذلك. فاذا ما ورد لفظ غريب مثلا تحرى الواثق بالله مع جلسائه عن معناه والشواهد الدالة عليه من شعر وغيره. وكذلك مناقشة آراء وقضايا علمية قد تعرض على المجتمعين. ومن المعتاد ان يشترك الخليفة في المناقشات التي تدور بين الحاضرين ، أو انه يوجه سؤالا معينا يطلب الى أحد الحاضرين الأجابة عليه ، ويدعو الاخرين الى مناقشة تلك الاجابة. أو أن أحد الجلساء يسأل سؤالا معينا فيجيب عليه أحد الحاضرين. والواثق بالله يستمع الى ما يورده السائل والمجيب ، وما يدور حول
__________________
(١) مروج الذهب ٤ / ٧٧.