يقول اليعقوبي ان الشراة كادوا ان يتغلبوا على سجستان ، فسأل يعقوب ابن الليث الصفار محمد بن عبد الله بن طاهر أمير خراسان ، وكانت سجستان تابعة له ، بأن يأذن له في جمع المتطوعين والخروج اليهم ، فاذن له بذلك. فقاتل يعقوب الشراة حتى أبادهم في سجستان وكرمان فعظم شأنه. فكتب الخليفة المستعين بالله الى محمد بن عبد الله ان يوليه كرمان (١). ويرجح ان اليعقوبي أوهم فيما يتعلق بكرمان لأن يعقوب دخلها في سنة ٢٥٥ ه (٢) وكان قد استولى على فارس في نفس السنة ودخل شيراز (٣). ولما عاد الى سجستان بادر الخليفة المعتز بالله بارسال عماله الى أعمال فارس ، مما يدل على عدم رضائه عن اعمال يعقوب ، رغم انه كتب اليه بطاعته ووجه اليه بدواب وبزاة ومسك هدية ، كما سنشير اليه فيما بعد.
على ان طموح يعقوب الصفار لم يقف عند حدود سجستان ، بل اخذ يعمل على توسيع رقعة سلطانه. وحاول ان يظهر بمظهر من يجاهد في سبيل الاسلام تحت راية الخليفة. فهاجم ممالك النرك المتاخمة لحدود سجستان وحارب ملوكها وقتل بعضهم فهابه الآخرون واذعنوا له. فأمن بذلك الحدود الشرقية لولايته ، واخذ يتطلع الى الولايات المحيطة به ، وكانت ضمن سلطان الطاهريين الذين طمع يعقوب باملاكهم. ان الأمعان في تتبع خطوات يعقوب الصفار في توسيع سلطانه يظهر انه كان قد اتخذ طريقة جديدة للقضاء على الدولة العربية ، وذلك باقتطاع أجزائها من ولاتها بحجة الانتصار للخلافة. وبدلا من أن يعلن الخروج على الدولة يسيطر عليها بأن يجعل الخليفة تحت حمايته. وقد استطاع ان يحقق ذلك الى حد بعيد مستفيدا من ضعف الطاهريين من جهة ،
__________________
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٩٥.
(٣) الطبري ٩ / ٣٨٢ ، والكامل ٧ / ١٩١.
(٤) الطبري ٩ / ٣٨٦ ، والكامل ٧ / ١٩٤.