وكان اسحاق بن كنداج قد سار بجيشه ثانية نحو الشام لاسترجاعها من الطولونيين ، فعاد خمارويه على رأس جيشه ، فالتقى بجيش اسحاق فهزمه حتى عبر الفرات ، كما استطاع التغلب على جيش ابن ابي الساج الذي كان يسير نحو دمشق فهزمه حتى عبر نهر الفرات كذلك (١).
واستطاع خمارويه ان يستميل اليه يا زمان الخادم المتغلب على طرسوس ، فعاد الى طاعته ودعا له بعد ان كان خرج على أبيه ، فانفذ اليه ثلاثين ألف دينار وخمسمائة مطرف وسلاحا (٢). ويبدو ان تغلب خمارويه على القائدين ابن كنداج وابن ابي الساج كان له تأثيره على يازمان وقدر انه لن يقوى على الصمود أمام جيش خمارويه اذا ما هاجم طرسوس ، فاثر الصلح على الهزيمة.
ويظهر ان معركة الطواحين والمعارك التي تلتها اقنعت كلا من أبي العباس أحمد بن الموفق وخمارويه بن أحمد بن طولون بأن استمرار النزاع بينهما غير مجد ، فمال كل منهما نحو المصالحة. فكتب خمارويه الى ابي أحمد الموفق يسأله الصلح على مال يبذله عن ما في يده من البلاد. فاجابه أبو احمد الى ذلك ، وكتب اليه كتابا قدم به فائق الخادم الى الفسطاط في رجب سنة ٢٧٣ ه يذكر فيه ان الخليفة المعتمد على الله وأبا أحمد الموفق وابنه أبا العباس كتبوه بايديهم ، بولاية خمارويه وولده مدة ثلاثين سنة على مصر والشامات. فأمر خمارويه بالدعاء لأبي أحمد وترك الدعاء عليه (٣).
وعند وفاة الموفق في سنة ٢٧٨ ه تولى ابنه أبو العباس أحمد ما كان يتولاه أبوه ، واستحوذ على عمه الخليفة المعتمد على الله ،
__________________
(٩٧) نفس المصدر ٧ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨.
(٩٨) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢٣٩ ، والطبري ١٠ / ١٨ ، والكامل ٧ / ٤٣٩.
(٩٩) كتاب الولاة وكتاب القضاة / ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، والنجوم الزاهرة ٣ / ٥١ ـ ٥٢.