طاهر لتعيينه على ولاية خراسان (١). لكي يبتعد عن انظار المأمون من جهة ، ولكي يكون بين بني قومه وانصاره فيأمن الايقاع به من جهة أخرى. ويظهر ان المأمون لم يكن مطمئنا الى ولائه لانه لم يوافق على تعيينه الا بعد أن خمنه وزيره أحمد بن أبي خالد (٢).
وكان طاهر في أواخر أيامه يحكم خراسان والولايات الشرقية التي ضمت اليه كأمير مستقل لا يخضع للخليفة الا بالاسم. وقد تحقق ما توقعه المأمون عن محاولة طاهر الاستقلال عن الخليفة ، اذ انه اسقط في سنة ٢٠٧ ه اسم الخليفة من خطبة الجمعة ، دليلا على استقلاله. فقد صعد المنبر وخطب الناس ، فلما بلغ الى ذكر الخليفة أمسك عن الدعاء له (٣). ويقول الذهبي انه دعوة الامام المأمون وعزم على الخروج عليه (٤). وكان ذلك قبيل وفاته بأيام ، اذ باغته الأجل فمات في جمادي الأولى من تلك السنة من حمى اصابته فوجد ميتا في فراشه (٥). ويقال انه احتيل له بشربة (٦).
وقد تتابع على حكم الامارة أولاد طاهر واحفاده. ورغم علاقتهم الودية بالخلافة وانهم لم يتأخروا عن نصرتها اذا ما طلب اليهم ذلك ، فقد حافظوا على استقلالهم الداخلي ، واستمر خضوعهم للدولة العربية شكليا. واستطاعوا أن يوسعوا نطاق امارتهم برضاء الخليفة حتى حدود الهند. ودامت امارتهم خمسا وخمسين سنة تولاها خمسة أمراء منهم.
__________________
(٤) تفصيلات ذلك في الطبري ٨ / ٥٧٧ ـ ٥٧٩.
(٥) الطبري ٨ / ٥٧٩ ، وتجارب الامم ٦ / ٤٥٠.
(٦) الطبري ٨ / ٥٩٤ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٥٧ ، وتجارب الامم ٦ / ٤٥٣.
(٧) العبر ١ / ٣٥١.
(٨) الطبري ٨ / ٥٩٣ ، وتجارب الامم ٦ / ٤٥٢.
(٩) كتاب البلدان / ٣٠٧.