الروم اذا لم تصلهم ميراتهم وارزاقهم. فغظم ذلك على أهل طرسوس فبادروا الى جمع مبلغ خمسة عشر ألف دينار من بينهم وسلموها الى ارخوز ليحملها الى أهل لؤلؤة فأخذها لنفسه. فلما أبطا المال على أهل لؤلؤ فسلموا القلعة الى الروم. ولما اتصل الخبر بالخليفة المعتمد على الله اضاف ولاية طرسوس الى امارة احمد بن طولون ليقوم بأمرها وأمر الحصون التابعة لهم ، وليغزو الروم منها (١).
وغزا في السنة التالية عبد الله بن رشيد بن كاوس عامل الثغور في أربعة آلاف رجل من أهل الثغور الشامية ، فدخل بلاد الروم فقتل وسبى وغنم. ولما رحل عائدا احاط به ثلاثة من بطارقة الروم بجيوشهم ، فقاتلهم باتباعه فقتل أكثرهم وتمكن الروم من أسره بعد اصابته بعدة طعنات ، فحمل الى ملك الروم. ولم يلبث في الأسر الا قليلا ، اذ ان الروم شعروا بقوة ابن طولون المتنامية وشدته في منازلتهم ، فبعث ملكهم بعيد الله بن رشيد وعدد من الاسرى وانفذ معهم عددا من المصاحف المذهبة هدية اليه (٢).
ويظهر ان اناطة امارة الثغور بأمير مصر أحمد بن طولون اعاد الحماس الى حامياتها والمتطوعة فيها. فاخذت غزواتهم تترى سنة بعد أخرى فيغنمون ويعودون. فقد غزا سيما الخادم عامل ابن طولون على الثغور الشامية في سنة ٢٦٦ ه في ثلاثمائة رجل من أهل طرسوس ، فخرج عليهم نحو أربعة الآف من الروم فاقتتلوا قتالا شديدا قتل فيه خلق كثير من العدو وأصيب آخرون ، الا ان قسما من جيش الروم وصل الى ديار ربيعة شمالي الجزيرة غربي نهر دجلة ، فقتلوا وأسروا نحوا من مائتين وخمسين شخصا. فنفر اليهم بعض رجال الموصل ونصيبين ، ففر الروم راجعين (٣).
__________________
(٦٤) الكامل ٧ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩.
(٦٥) الطبري ٩ / ٥٤٥ ، والكامل ٧ / ٣٢٨.
(٦٦) الطبري ٩ / ٥٤٩ ، والكامل ٧ / ٣٣٢.