قارن بحرا في عشرين مركبا وافتتح حصن انطاكية على الساحل الجنوبي لبلاد الروم ، كما غزا علي بن يحيى فعاد بخمسة آلاف أسير ومن الدواب بعشرة آلاف رأس ، وغزا بلكاجور فغنم وسبا أيضا (١). فكان موسم الغزو العربي في هذه السنة مفعما بالمغانم والانتصارات الموضعية.
ولما تولى المنتصر بالله الخلافة اخرج القائد وصيفا على رأس جيش قوامه أثنى عشر ألف رجل عدا المتطوعين ، لرد هجوم رومي مزعوم ، فنزل ملطية وغزا الصائفة فدخل بلاد الروم وافتتح حصن فردرية (٢).
وغزا الصائفة في سنة ٢٤٩ ه القائد جعفر بن دنيار فافتتح حصنا ، واستأذنه عمر الأقطع أمير ملطية في المصير الى ناحية الروم فاذن له ، فسار عمر ومعه جيش كثير العدد فتوغل في بلاد الروم ، فتصدى له ملك الروم في جيش يزيد على خمسين ألف مقاتل فاحاطوا بالحملة العربية ، فقتل الأقطع مع ألف رجل من جيشه. وتقدم جيش الروم نحو الثغور الجزرية وتغلب عليها. فبلغ ذلك الأمير علي بن يحيى الذي قد نقل الى الولاية على أرمينية واذربيجان ، فبادر الى مساعدة جيش ابن الأقطع واشتبك بجيش الروم ، فقتل مع أربعمائة من أصحابه. وكان هذان القائدان الأقطع والأرمني من أبرز القادة الشجعان ، ويصفهما الطبري انهما كانا نابين من أنياب المسلمين ، وكان الروم يرهبون جانبهما. ولذا كان مقتلهما ، وهما في ميدان الجهاد ، خسارة كبيرة أصيب بها الجيش العربي ، مما كان له صدى قويا في مختلف أرجاء الدولة العربية ، وبخاصة في حاضرتها سامرا وفي مدينة السلام. اذ شق الأمر على الناس وعظم عليهم فقدهما ، مع حنقهم الشديد على القواد الاتراك
__________________
(٥٦) الطبري ٩ / ٢١٩ ، والكامل ٧ / ٩٣.
(٥٧) الطبري ٩ / ٢٦٠ ، والكامل ٧ / ١١٩.