وقد بدأ الاهتمام باطلال سامرا منذ اواسط القرن التاسع عشر. غير ان التنقيب فيها لم يبدأ الا بعد انتهاء العقد الأول من القرن العشرين. فقد قام المهندس هنري فيوله ـ henry Viollet لاول مرة ببعض التنقيبات الاستكشافية في دار الخليفة خلال صيف سنة ١٩١٠ م. ثم اعقبه في السنة التالية الآثاري الالماني هرزفيلد ـ herzfeld على رأس بعثة علمية ، فقام بتنقيبات واسعة استمرت حتى نشوب الحرب العالمية الاولى. وشملت هذه التنقيبات دار الخليفة وقصر بلكوارا والمسجد الجامع وتل العليق ، مع نحو خمس عشرة دارا من دور السكن الخاصة ، بالقرب من المدينة الحالية. وكانت الآثار التي عثرت عليها بعثة هرزفيلد خلال هذه التنقيبات قد وضعت في صناديق بقيت في سامراء خلال الحرب المذكورة ، ولما ابتليت البلاد بالاحتلال الانكليزي نقلت تلك الصناديق الى انكلترا. وقد نشر قسم من النتائج العلمية التي حصلت من هذه التنقيبات ، ولذلك فان النتائج التي توصل اليها هرزفيلد في هذا الحقل لم يعرف عنها الا الشيء القليل (١).
واوفدت مديرية الآثار القديمة العامة منذ سنة ١٩٣٦ م عدة بعثات آثارية لاجراء مزيد من الحفريات والتنقيب في اطلال سامراء. وكانت حصيلتها معلومات غزيرة عن معالم المدينة ايام كانت عاصمة مزدهرة. وقد نشرت في سنة ١٩٤٠ نتائج التنقيبات التي قامت بها البعثات المذكورة في كتاب «حفريات سامراء ١٩٣٦ ـ ١٩٣٩» بجزءين. يقع الجزء الأول في (٥٠) صحيفة عدا الفهارس والالواح المرفقة به ، ويتناول وصفا دقيقا لما كشفت عنه التنقيبات التي اجرتها مديرية الآثار القديمة العامة في خلال مواسم السنوات المذكورة. وقد اوصلت هذه التنقيبات الى معرفة مخططات قصر كامل هو قصر الجص في الموقع المعروف باسم الحويصلات ، وثلاث دور
__________________
(١٢٤) حفريات سامراء (١٩٣٦ ـ ١٩٣٩) ١ / ٤.