كانت مياه الشرب تحمل اليهم من دجلة على البغال والابل ، لأن الآبار بعيدة الرشا لارتفاع الأرض ، ثم ان ماءها مالح غير مستساغ ، مما تعذر معه انشاء البساتين والمزارع بنطاق واسع يتفق وسعة المدينة وحاجتها. ولهذا اتجهت انظار الخليفة الى الضفة المقابلة (الغربية) من نهر دجلة. فهي ارض منخفضة يسهل حمل الماء اليها ويمكن التوسع في زراعتها. فعمد الى عقد جسر يوصل بين الجانبين. وقد اقيم هذا الجسر في مركز المدينة تقريبا امام القصر الهاروني الذي بناه هارون بن المعتصم بالله فيما بعد. ويظهر انه كان من الجسور ذوات العقود ، اي كان ثابتا مبنيا بالحجارة.
لقد شجع ذلك بعض الناس على الانتقال الى الجانب الغربي من نهر دجلة والعمل هناك. فحفروا الجداول السيحية وشقوا الترع وانشأوا عليها المزارع والبساتين ، فقامت فيها القرى العديدة. وكانت هذه الجداول تتفرع من نهر الاسحاقي الذي امر المعتصم بالله بحفره لأرواء الأراضي الواقعة على هذا الجانب من النهر ارواء سيحيا. ونهر الاسحاقي هذا يستمد مياهه من دجلة في موضع يقع جنوبي تكريت بقليل ، فيجري امام سامرا من الغرب بموازاة نهر دجلة. وهو نهر قديم كان يمتد حتى منخفض عقرقوف في غربي بغداد ، حفره قدامى العراقيين ، الا انه كان قد اهمل فأندرس. فأمر المعتصم بالله صاحب شرطته اسحاق بن ابراهيم بان يتولى الأشراف على احياء القسم الاعلى منه الممتد بين تكريت وجنوبي سامرا ، ولذا عرف بالاسحاقي.
وقد قسم نهر الاسحاقي الى فرعين شمالي معسكر الاصطبلات ، الشطر الغربي ويسير جنوبا وسط الاراضي التي بين دجلة والفرات الى مسافة تقرب من (٤٠) كيلومترا ثم تضيع معاله في رمال الصحراء. والشطر الشرقي ويسير بموازاة السور الخارجي الغربي