عزل مساكن الأتراك :
لقد افردت قطائع الأتراك عن قطائع الناس جميعا بحيث جعلوا منعزلين عن غيرهم ، ولا يختلطون باحد ولا يجاورهم احد سوى الفراغنة. فقد اقطع المعتصم بالله اشناس الموضع المعروف بالكرخ ، ويقال له كرخ سامرا تمييزا عن كرخ بغداد وهو المحلة التي في الجانب الغربي من بغداد. كما كان يسمى كرخ باجدا ، وكرخ جدان ايضا (١) ، وهو على بعد عشرة اميال شمالي سامرا (٢). وضم اليه عددا من قواد الأتراك ورجالهم وامره ان لا يسمح لقريب بمجاورتهم ، كما انزل بعضهم في الدور المعروف بدور العرباني (٣).
واقطع الأفشين حيدر بن كاوس الاشروسني في المطيرة في آخر البناء مشرقا ، وضم اليه اصحابه من الاشروسنية وغيرهم من الأتراك ، وامره ان يبني هناك سويقة فيها حوانيت للتجار مما لا بد منه ، ومساجد وحمامات. كما اقطع الحسن بن سهل بين آخر الاسواق والمطيرة. ولم يكن في ذلك الموضع يومئذ شيء من العمارات ، الا ان المنطقة ما لبثت ان عمرت وامتد بناء الناس فيها من كل ناحية حتى اتصل البناء بالمطيرة. واقطع خاقان غرطوج واصحابه مما يلي قصر الجوسق الخاقاني وامر ان يضم اصحابه اليه. وأقطع وصيفا واصحابه مما يلي الحير.
ولكي يؤمن المعتصم بالله عزلة الجند الاتراك عن غيرهم اشترى لهم الجواري وزوجهم بهن ، ومنعهم من ان يتزوجوا من احد من المولدين ، الى ان ينشأ لهم الولد فيتزوج بعضهم من بعض. واجرى
__________________
(٨٥) المشترك وضعا / ٣٦٨ ـ ٣٦٩.
(٨٦) بلدان الخلافة الشرقية / ٧٤.
(٨٧) معجم البلدان ٣ / ١٧٥.