الحاضرين حينذاك ، اختيار من يرون للخلافة (١). فتشاوروا فيما بينهم ، وقد كرهوا ان يولوا احد ابناء المتوكل على الله لئلا ينتقم منهم ، واجمعوا على اختيار احمد بن محمد بن المعتصم بالله ، محتجين بحرصهم على ابقاء الخلافة في ولد مولاهم المعتصم بالله ، ولقب بالمستعين بالله.
مات بغا الكبير في سنة ٢٤٨ ه وقد تجاوز عمره التسعين سنة ، وكان قد خاض من الحروب ما لم يخضه غيره ، فما اصابته جراحة قط (٢). وكان متدينا من بين القواد الاتراك. ولما مرض عاده الخليفة المستعين بالله ، وعند ما توفى عقد لأبنه موسى على الأعمال التي كانت لأبيه اضافة الى ولاية البريد (٣).
٤ ـ الأتراك في عهد الواثق بالله :
اتبع الواثق بالله سياسة ابيه المعتصم بالله في الاعتماد على الجند الاتراك فزاد عددهم في عهده واتسع نفوذهم وبخاصة كبار قوادهم اشناس وايتاخ ووصيف وبغا. وسبق ان اشرنا الى ما وصلوا اليه من مراكز رفيعة في الدولة العربية في عهد المعتصم بالله. وقد استمروا في ايام الواثق على ما كانوا عليه في عهد ابيه ، بل أن سياسته تجاههم ساعدت على ازدياد نفوذهم وتدخلهم في شؤون الدولة. فانه لم يقم طيلة حياته باية فعلية عسكرية يشغلهم بها وانما استخدم بعضهم في مناصب ادارية وسعت لهم مجال التدخل فاتسع بذلك سلطانهم. ولسوف نرى في فصول
__________________
(٣٩) الطبري ٩ / ٢٥٦.
(٤٠) مروج الذهب ٤ / ٦٠.
(٤١) الطبري ٩ / ٢٥٨.