الدين ، وتقديرا لجهودهم في ذلك ، وتشجيعا لهم. ومن اهم مظاهر هذا التكريم تقليد القائد الطوق والأسورة ، والسيف والمنطقة ، بحيث صار ذلك رسما لامراء الدولة (١). او الاغداق عليهم بالاموال والهدايا الثمينة. فقد كرم الأفشين عند ما قدم ببابك اسيرا الى سر من رأى ، بأن البسه وشاحين بالجوهر ، وتوّجه ، ووصلة بعشرين الف الف درهم (٢). كما اجلس القائد اشناس على كرسي وتوجه ووشحه (٣).
وكان تشجيع المعتصم بالله وتقديره قواده عاملا مهما في بروزهم على مسرح السياسة بعد وفاته ، بحيث غدا لهم نفوذ سياسي الى جانب سلطاتهم العسكرية. وبذا يكون المعتصم بالله قد خلق طبقة جديدة من القواد الحكام. الذين لم تقتصر هيمنتهم على شؤون الدولة العسكرية فقط ، بل شملت النواحي الادارية والسياسية كذلك. فقد عينوا للحجابة ، والولاية ، مع احتفاظهم بمناصبهم القيادية في الجيش ، فاصبح لهم السلطان الحقيقي على شؤون الدولة. وقد اتيح لهذه الطبقة من القادة الأتراك ان تلعب دورا خطيرا في حياة الدولة العربية بعد عهد المعتصم بالله. واظهرت الحوادث بعد مدة قصيرة ان استخدام الاتراك في الجيش كان خطأ كبيرا من المعتصم بالله ، لأن قادتهم ورؤساءهم اساءوا استعمال نفوذهم وسلطانهم في فرض ارادتهم على الخلفاء ، واخذوا يتصرفون كغرباء متغلبين.
__________________
(١٩) رسوم دار الخلافة / ٩٤.
(٢٠) الطبري ٩ / ٥٥.
(٢١) نفس المصدر / ١٠٣.