وهناك شروط معينة يجب ان تتوفر فيمن يعين للقضاء ، واهمها : الاسلام ، والحرية ، وكمال العقل ، وسلامة الحواس ، وان يكون اهلا للاجتهاد فيما يجوز له ان يقضي بين الناس (١). واهم واجبات القاضي ان يسوى في الحكم بين القوي والضعيف ، وان يعدل في احكامه فلا يتبع هواه في تقصير المحق او ممالاة المبطل (٢). وقد اتسعت سلطات القاضي في خلال العهد العباسي الأول ، فبعد ان كان ينظر في القضايا المدنية والجنائية اصبح ينظر في قضايا اخرى تتعلق بالحقوق العامة كالنظر في شؤون الاوقاف والتصرف بمواردها ، وتنفيذ الوصايا ، والنظر في اموال المحجور عليهم من المجانين واليتامى واهل السفه ، وتزويج الأيامى عند فقد الأولياء ، واقامة الحدود الدينية على مستحقيها. وقد تضاف اليه احيانا الشرطة او المظالم او الحسبة او دار الضرب او بيت المال (٣).
ويعتبر الخليفة ابو جعفر المنصور اول من عيّن القضاة في الأمصار ، وكان تعيينهم قبل ذلك يتم محليا من قبل الولاة (٤). وكان القاضي يعين مشافهة او بالعهد كتابة. وكان عهد التعيين يتضمن تحديد منطقة عمل القاضي ، وتعيين القضايا التي ينظر فيها. وقد اورد قدامة بن جعفر نسخة من عهد تولية احد القضاة ، وهو يتضمن توجيهات الخليفة له حول عمله بما يؤمن العدل وتطبيق احكام الشريعة ، وتوجيهات اخرى (٥).
__________________
(٢) الاحكام السلطانية للماوردي / ٥٤.
(٣) نفس المصدر / ٥٩.
(٤) مقدمة ابن خلدون / ١٢١.
(٥) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣٨٩.
(٦) الخراج وصناعة الكتابة / ٣٩ ـ ٤٠.