ولاءهم وعدم وثوبهم به. ولما لمس في اخيه الموفق قوة شخصيته وقدرته على السيطرة حاول ان يضمن بواسطته سلامته وبقاءه على عرش الخلافة. الا ان طموح الموفق وضعف شخصية المعتمد على الله ، جعلت الموفق يسيطر على كل شيء. ومما زاد في نفوذ الموفق انغماس المعتمد على الله في اللهو والملذات ، فغلبه على امره وتدبير ملكه وسياسة سلطانه. فقام بالملك احسن قيام وقمع من قرب من الاعداء واستصلح من نأى منهم (١). وقد خطب للموفق على المنابر ، وكان يقال بالخطبة : اللهم اصلح الأمير الناصر لدين الله ابا احمد الموفق ولي عهد المسلمين اخا امير المؤمنين (٢).
وعلى هذا نستطيع ان نقول ان تصرفات المعتمد على الله وموقفه من الأحداث يدلان على انه لم يكن ينقصه الذكاء او الكفاية ، الا انه كما يبرر ، كان ضعيف الشخصية خاملا ، وفيه ميل شديد الى اللهو والتمتع والابتعاد عن تحمل المسؤولية. وهذا يفسر لنا التناقض الواضح في سيرته كخليفة له السلطة العليا في الدولة ، فقد وصف بالسخاء والكرم على حاشيته وندمائه ، وبحبه مجالس اللهو والطرب وعدم انقطاعه عنها. الا انه بنفس الوقت يتذمر من انه لا يملك التصرف بامور الدولة او حتى باموره الخاصة.
٤ ـ ولاية العهد :
قرر المعتمد على الله في خلال النصف الاول من شوال سنة ٢٦١ ه ان ينظم امر ولاية العهد بالخلافة من بعده بين ابنه جعفر ، واخيه ابي احمد الموفق طلحة. فولى ابنه العهد بعده وسماه
__________________
(٣٧) التنبيه والاشراف / ٣١٨ ، والديارات / ١٠١ ـ ١٠٢.
(٣٨) النبراس / ٨٩ ـ ٩٠.