في سنة ٢٥٨ ه لأخيه الموفق على عدد من الولايات وخلع عليه ، وعلى مفلح القائد ، وسيرهما الى حرب الزنج (١). ثم اتبعهما بالقائد موسى بن بغا في السنة التالية (٢). وعين في سنة ٢٦٠ ه اساتكين من كبار قواد الاتراك واليا على الموصل (٣). وعين في السنة التالية محمد بن عمر بن علي الطائي واليا على اذربيجان (٤). كما انه خرج فى سنة ٢٦٢ ه على رأس الجيش لحرب يعقوب بن الليث الصفار لما أصر على القدوم بجيشه الى سامرا (٥).
يستدل مما ذكرنا ان الموفق لم يبعد اخاه عن ممارسة سلطاته الا بعد عدة سنوات من توليه الخلافة. وذلك بعد ان اظهر كفاية عسكرية وسياسية في حربه صاحب الزنج ، وفي رده ابن الصفار عن العراق ، مما اكسبه محبة الناس واحترام القواد. واذا كانت الحوادث الجسام ، او ما نسميه بالازمات ، تظهر قابليات الرجال وتكشف عن معادنهم ، فقد اظهر الموفق في الحروب التي قادها مهارة وحزما. اضافة الى ما كان يتمتع به من خلق هادىء رصين ، وصفات انسانية. اذ كان شديد الرعاية لجنده وبخاصة الجرحى منهم ، ويتفقد ابناء الشهداء ، وكانت رعايته تشمل جرحى الأعداء ايضا (٦). وبذلك استطاع ان يفرض احترامه على القواد والولاة ،
__________________
(٢٦) الطبري ٩ / ٤٩٠ ، والكامل ٧ / ٢٥٩.
(٢٧) الكامل ٧ / ٢٥٩.
(٢٨) نفس المصدر / ٢٦٩.
(٢٩) نفس المصدر / ٢٨٨.
(٣٠) الطبري ٩ / ٥١٦ ، ومروج الذهب ٤ / ٢٠٠ ، والكامل ٧ / ٢٩٠.
(٣١) الطبري ٩ / ٦٠٣ و ٦٠٨ ، والكامل ٧ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦.