وكان المنتصر بالله ، رغم تظاهره بحب اخويه والتودد لهما ، يحقد عليهما لأن اباه كان يحسن معاملتهما ويفضلهما عليه وبخاصة المعتز ، ولذلك فقد استجاب للطلب. وامر بالطلب الى اخويه ان يخلعا نفسيهما من ولاية العهد. فوافق المؤيد وتردد المعتز غاضبا ، الا ان اخاه استطاع ان يقنعه حينما وضعه امام امر لا مفر منه ، اذ قال له «هذا الامر قتل اباك فليته لا يقتلك ، اخلعه ويلك ، فوالله لئن كان في سابق علم الله ان تلى لتلين» (١).
فاجاب بالموافقة ايضا. وكتب كل منهما كتابا يخلع فيه نفسه من ولاية العهد ويحل الناس منها ، بموجب صيغة املاها عليهما كاتب الخليفة.
ولما دخل الاخوان على اخيهما الخليفة ليعلماه بموافقتهما على التنازل عن ولاية العهد رحب بهما واظهر لهما انه قام بذلك حرصا على حياتهما وليس طمعا في نقل ولاية العهد الى ابنه ، اذ قال «أترياني خلعتكما طمعا في ان اعيش حتى يكبر ولدى وابايع له ، والله ما طمعت في ذلك ساعة قط ، واذا لم يكن في ذلك طمع ، فوالله لان يليها بنو ابي احب الي من ان يليها بنو عمي ، ولكن هؤلاء ـ واومأ الى سائر الموالي ممن هو قائم وقاعد ـ الحوا عليّ في خلعكما ، فخفت ان لم افعل ان يعترضكما بعضهم بحديدة ، فيأتى عليكما. فما ترياني صانعا ، أقتله؟ فوالله ما تفي دماؤهم كلهم بدم بعضكم ، فكانت اجابتهم الى ما سألوا اسهل عليّ» (٢).
__________________
(٢٦) الطبري ٩ / ٢٤٥.
(٢٧) الطبري ٩ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.