ضياعهم وسعة انفاقهم ، ممالفت نظر المتوكل على الله بانها جمعت بطرق غير مشروعة فاراد عقوبتهم بمصادرتها منهم بحجج مختلفة.
ولم يكن احد ممن سلف من خلفاء بني العباس قد اظهر في مجلسه العبث والهزل ، والمضاحك ، حتى جاء المتوكل على الله فكان اول خليفة أظهر ذلك ، حتى ذاعت هذه الامور في الناس وجروا فيها (١). فكان يجمع السماجة ـ وهم الممثلون الهزليون ـ بين يديه فيحاكون حركات بعض الناس ويمثلونهم في اصواتهم ، ويأتون بحركات مضحكة عنهم تؤنسه (٢). فكان السابق الى ذلك والمحدث له فاتبعه فيه اغلب خواصه واكثر رعيته (٣).
٣ ـ ولاية العهد :
لعل ما حدث اثر وفاة الواثق بالله من خلاف حول اختيار خليفة له ، لأنه لم يعهد لأحد من بعده ، قد دفع المتوكل على الله الى ان ينظم ولاية العهد في حياته. فعقد في سنة ٢٣٥ ه البيعة لثلاثة من ابنائه هم محمد وسماه المنتصر ، وابو عبد الله ـ ويختلف في اسمه فيقال محمد او الزبير او طلحة ـ ولقبه المعتز ، وابراهيم ولقبه المؤيد. وعقد لكل منهم لوائين احدهما اسود وهو لواء ولاية العهد والآخر ابيض وهو لواء العمل. وضم الى كل واحد منهم عددا من الولايات ، فاقطع المنتصر افريقية والمغرب وجميع الثغور وبعض الولايات الشرقية. واقطع المعتز خراسان وطبرستان والري وارمينية واذربيجان. اما المؤيد فقد اقطعه جند دمشق وجند فلسطين. كما جعل لكل منهما كاتبا خاصا ، فجعل احمد بن
__________________
(٣٣) مشاكلة الناس لزمانهم / ٣٢.
(٣٤) الديارات / ٣٩.
(٣٥) مروج الذهب ٤ / ٨٦.