وجلد ، واكنفه
بالاموال والسلاح والجنود من الفرسان والرجالة ، فان طالت مدتهم فتجرد لهم بمن معك
من انصارك واوليائك .. ثم دعا به ثانية ، حين اشتد به الوجع ، وقال له : يا ابا
اسحاق عليك عهد الله وميثاقه .. لتقومن بحق الله في عباده ولتؤثرن طاعته على
معصيته اذ انا انقلها من غيرك اليك .. فانظر من كنت تسمعني اقدمه على لساني فاضعف
له التقدمة ، عبد الله بن طاهر .. واسحاق بن ابراهيم .. وعبد الوهاب عليك به من
بين اهلك فقدمه عليهم .. وابو عبد الله بن ابي دواد فلا يفارقك واشركه في المشورة
في كل امرك .. ولا تتخذن بعدي وزيرا .. فقد علمت ما نكبني به يحيى بن اكثم في
معاملة الناس وخبث سيرته ..» .
كما سبق ان نفذت
كتب المأمون الى عماله في البلدان ، وكان في اولها : من عبد الله المأمون امير
المؤمنين واخيه الخليفة من بعده ابي اسحاق بن امير المؤمنين الرشيد. ويقول الطبري
ان ذلك لم يكتبه المأمون ، بل كتب استنادا الى امره بعد ان افاق من غشية اصابته في
مرضه انه اذا حدث به حدث الموت في مرضه هذا فالخليفة من بعده ابو اسحاق بن امير
المؤمنين الرشيد ، فكتب الكتب بالصيغة المذكورة .
ويتضح من هذا ان
المأمون عند ما احس بدنو اجله اوصى اخاه ابا اسحاق بحضور العباس بن المأمون وجمع
من القواد والقضاة والكتاب ، بما يلتزم به اذا ما طوقه الله بالخلافة ، وهو لم
يعهد له بها صراحة. ويبدو ان مؤيدي ابي اسحاق تنبهوا الى ذلك فكتبوا الى العمال في
البلدان على لسان المأمون بان الخليفة من بعده هو اخوه ابو اسحاق. وانهم كتبوا
بذلك استنادا الى امر المأمون بانه اذا ما توفى في مرضه فالخليفة من بعده ابو
اسحاق.
__________________