ولا تزال بقايا القصر الجعفري وبركته الواسعة تشاهد على ضفة نهر دجلة في شمالي السور الداخلي لمدينة المتوكلية ، في الزاوية التي يكونها نهر دجلة من جهة ونهر القاطول من الجهة الأخرى (١). وقد تعرف الآثاري هرزفيلد على بقايا هذا القصر في اطلال المتوكلية ، ووصفها بقوله : «انها سور ضخم يغطي مساحة تبلغ ٣ / ١ ١ كيلومتر مربع ، محاطة بجدران مدعمة بابراج من الطابوق المصنوع من اللبن. وتشكل مضلعا غير منتظم يقع بين ضفة دجلة العليا والقناة ، عند نقطة على هذه القناة بحوالي ٢ / ١ ٤ كيلومتر شمالي جامع ابي دلف ، وحوالي كيلومتر واحد شمالي قنطرة الرصاص. وعثر على مدخل السور حيث ينقطع منه شارع مستطيل خلال مساحة القصر باتجاه ٧٠ درجة جنوب غربي» (٢).
وقد اشتهر القصر الجعفري بحسنه وفخامة بنائه وببركته الواسعة الجميلة. فوصفه عدد من الادباء والشعراء. يقال ان ابا العيناء ، الأديب البصير ، دخل على المتوكل على الله في قصره الجعفري في سنة ٢٤٦ ه ، فقال له المتوكل : ما تقول في دارنا هذه؟ فقال : ان الناس بنوا الدور في الدنيا ، وانت بنيت الدنيا في دارك. فاستحسن كلامه (٣). وعند ما انتهى المتوكل على الله من بناء قصره هذا مدحه البحتري وأشاد بالقصر ، ومما جاء في شعره قوله (٤) :
أصبحت بهجة النعيم وامست |
|
بين قصر الصبيح والجعفري |
__________________
(٤٣) ري سامراء ١ / ١٣٣.
(٤٤) العمارة العباسية / ١٧٥.
(٤٥) مروج الذهب ٤ / ٢٣٦ ، ومعجم الادباء ١ / ٦٢ ، ووفيات الاعيان ٣ / ٤٦٨.
(٤٦) ديوان البحتري ٤ / ٢٤٥١ ـ ٢٤٥٢.