وتولى الخلافة محمد المنتصر ، فلم يلبث في المتوكلية سوى ايام قليلة ثم انتقل الى سامرا ، وامر الناس جميعا بالانتقال عن الماحوزة وان يهدموا المنازل ويحملوا النقض الى سامرا. فانتقل الناس ، وخربت قصور مدينة المتوكلية ومنازلها ومساكنها واسواقها في اسرع مدة بحيث صار موضعها موحشا لا انيس فيه ، كأنه لم يعمر ولم يسكن من قبل (١). ويقول البلاذري ان المنتصر انتقل الى سامرا يوم الثلاثا لعشر خلون من شوال (٢). اما المسعودي فيرى ان مقام المنتصر بالله بعد ابيه في الماحوزة سبعة ايام ثم انتقل منه وامر بتخريب المدينة (٣). بينما يرى الطبري ان اقامته كانت عشرة ايام ثم تحول بعياله وقواده وجنوده الى سامرا (٤).
تقع اطلال مدينة المتوكلية على ضفاف نهر دجلة ، على بعد عشرة كيلومترات من الحدود الشمالية لسامرا. ولا تزال آثار السور العظيم الذي كان يحيط بدار الخلافة والدواوين وقصور الخليفة والذي يربو طوله على اربعة كيلومترات ونصف الكيلومتر ماثلة للعيان. وتبلغ مساحة الأرض التي كانت تشغلها هذه المباني (٥٤٠) دونما. كما ان هناك آثار سور آخر يقع جنوبي السور السابق ، وكان يمتد بين ضفة نهر دجلة والضفة اليمنى لنهر القاطول ويفصل دار الخلافة والدواوين وقصور الخليفة عن بقية المتوكلية كما اشرنا آنفا (٥). ولعدم القيام بالتنقيب في اطلال المدينة خلا ما قامت به مديرية الآثار القديمة العامة من التنقيب المحدود في اطلال بعض الدور السكنية ، فلم تتوفر معلومات كافية واضحة
__________________
(٢٤) كتاب البلدان / ٢٦٧.
(٢٥) فتوح البلدان / ٢٩٦.
(٢٦) مروج الذهب ٤ / ١٣٠.
(٢٧) الطبري ٩ / ٢٣٤.
(٢٨) ري سامراء ١ / ١٢٩.