وأمّا مكانة السنّة فيكفي فيها قوله سبحانه : « وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ » ( النجم ـ ٣ ) وقوله سبحانه : « وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا » ( الحشر ـ ٧ ) ، وغير ذلك من الآيات التي تنصّ على لزوم اقتفاء أثر النبيّ ، وتصرّح بوجوب اتّباعه ، وعدم مخالفته ومعصيته .
وعلى ذلك تكون الشريعة الإسلاميّة شريعة كاملة الجوانب ، كاملة الجهات والأطراف ، قد بيّنت معارفها ، وأحكامها بكتاب الله العزيز وسنّة نبيّه الكريم ، فلم يبق مجال للرجوع إلى غير الوحي الإلهي وإلى غير ما صدر عن النبيّ الكريم .
وهذه الحقيقة التي تكشف عنها الآية ـ بوضوح ـ وأنّ الدين اكتمل في حياة النبيّ بفضل كتابه وسنّته ، ممّا اطبقت عليه كلمة العترة الطاهرة بلا خلاف ، ولإيقاف القارئ على ملامح كلماتهم في هذا المقام ، نأتي ببعض ما ورد عنهم في ذلك المجال :
لكلّ شيء أصل في الكتاب والسنّة :
لقد صرّح أئمّة أهل البيت والعترة الطاهرة بأنّه ما من شيءٍ في مجالي العقيدة والشريعة إلّا وله أصل في الكتاب والسنّة ، وهذا هو ما يظهر من كلماتهم ونصوصهم الوافرة .
روى مرازم ، عن الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال : إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن الكريم تبيان كلّ شيء ، حتى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج العباد إليه إلّا بيّنه للناس حتى لا يستطيع عبد يقول : لو كان هذا نزل في القرآن إلّا وقد أنزل الله فيه (١) .
وروى عمرو بن قيس ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الاُمّة إلى يوم القيامة ، إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله ، وجعل لكلّ شيء حدّاً وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه (٢) .
وروى سليمان بن هارون قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : ما خلق الله حلالاً ولا حراماً إلّا وله حدّ كحدّ الدار ، فما كان من الطريق فهو من الطريق ، وما كان من
____________________________
(١) الكافي ج ١ ص ٤٨ .
(٢) الكافي ج ١ ص ٤٨ من كتاب فضل العلم .