وقبض على أبي المعالي بن الملحّى ، وقصر ارتقاع حلب عما يحتاج إليه ايلغازي والتّركمان الذين معه ، ولم ينتظم له حال ، واستوحش من أهل حلب وجندها فخرج عنها إلى ماردين ، وبقيت بالس والقليعة في يده ، وأخرج ابن الملحّى من الاعتقال وأعيد إلى تدبير الأمور.
وأفسد الجند الّذين ببالس في أعمال حلب فاستدعوا الفرنج ، وخرج بعض عسكر حلب ومعهم قطعة من الفرنج وحصروها ، فوصل إيلغازي في جمع من التركمان إليها ، فعاد عسكر حلب والفرنج عن بالس وباعها لابن مالك ، وعاد إلى ماردين ، وبقي تمرتاش ولده رهينة في حلب.
ووصل في هذه السّنة أتابك طغتكين وأق سنقر البرسقي إلى حلب ، وراسل أهلها في تسليمها فامتنعوا من إجابته ، وقالوا : «ما نريد أحدا من الشّرق» وأنفذوا واستدعوا الفرنج من أنطاكية لدفعه عنهم ، فعاد أق سنقر إلى الرّحبة وأتابك إلى دمشق.
واشتدّ الغلاء بأنطاكية وحلب ، لأن الزّرع عرق ولحقه هواء عند إدراكه أتلفه ، وهرب الفلّاحون للخوف ، واستدعى أهل حلب ابن قراجا من حمص ، فرتّب الأمور بها ، وحصّنها ، وسار إلى حلب ، ونزل في القصر خوفا من إيلغازي لما كان بينهما (١).
وخرج أتابك إلى حمص ، ونهب أعمالها وشعّثها ، وأقام عليها مدّة ، وعاد إلى
__________________
(١) كان خير خان قد أسر إيلغازي سنة ثمان وخمسمائة وذلك أثناء نزوله على حمص. انظر ابن القلانسي ص ٣٠٥.