وخرج صنجيل في ذي الحجّة ، وحصر البارة فقل الماء فأخذها بالأمان ، وغدر بأهلها ، وعاقب الرّجال والنّساء ، واستصفى أموالهم وسبى بعضا وقتل بعضا ، ثم خرج بقيّة الفرنج من أنطاكية والأرمن الّذين في طاعتهم والنّصارى ، وانضموا إليه ، ووصلوا إلى معرّة النّعمان لليلتين بقيتا من ذي الحجة في مائة ألف.
وحصروا معرّة النّعمان في سنة اثنتين وتسعين ، وقطعوا الأشجار ، واستغاث أهلها بالملك رضوان وجناح الدولة فلم ينجدهم أحد.
وعمل الفرنج برجا من خشب يحكم على السّور وزحفوا إلى البلد ، وقاتلوه من جميع نواحيه حتى لصق البرج بالسّور فكشفوه وأسندوا السّلالم إلى السّور وثبت النّاس في الحرب من الفجر إلى صلاة المغرب ، وقتل على السّور وتحته خلق كثير ، ودخلوا البلد بعد المغرب ليلة الأحد الرّابع والعشرين من محرّم سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
ودخل عسكر الفرنج جميعه إلى البلد ، وانهزم بعض الناس إلى دور حصينة ، وطلبوا الأمان من الفرنج فأمّنوهم ، وقطعوا على كل دار قطيعة ، واقتسموا الدّور ، وهجموها وناموا فيها ، وجعلوا يهدّئون النّاس حتى أصبح الصبح ، فاخترطوا سيوفهم ، ومالوا على النّاس ، وقتلوا منهم خلقا ؛ وسبوا النّساء والصّبيان.
وقتل فيها أكثر من عشرين ألف رجل وامرأة وصبّي ، ولم يسلم إلّا القليل ممّن كان في شيزر وغيرها من بني سليمان وبني أبي حصين