قطلمش فيتفرغ لهم ويقبضهم ، ويستأصل أموالهم ؛ فتوصّلوا إلى المفاسدة بينهما بمن صار في حلّته من أهل الشام ليشتغل عنهم شرف الدّولة.
وكان لأبي المكارم قطيعة على أنطاكية يحملها الروم إليه فطمع بها من سليمان فلم يجبه إلى ذلك وقال : «تلك جزية كانت على الروم لتمسك عن جهادهم ، وقد قمت أنا بفريضة الجهاد ، وصارت أنطاكية للمسلمين فكيف أؤدي عنها إليك جزية؟». ففسد ما بينهما لذلك.
وسار شبيب بن محمود ومنصور بن الدوح وجماعة من بني كلاب إلى أنطاكية ، وحضروا عند سليمان ، ووعدهم ووعدوه بما لم يقبح من بعضهم لبعض ؛ وأخذوا قطعة من عسكره ؛ وخرجوا فعاثوا في بلاد شرف الدّولة ، ثم إنّهم خافوا منه فهربوا إلى أسفونا.
وتواصلت غاراته على بلد حلب وسرمين وبزاعا وقبض شرف الدّولة على وزيره أبي العزّ بن صدقة وصادره وحبسه ، وسيّر ابن الحلزون إلى حلب ليدبّر أمرها ؛ فوصل إلى حلب ، وراسل سليمان في الصّلح.
وقبض على عليّ بن قريش بأمر أخيه شرف الدّولة ، وصادره على عشرة آلاف دينار ، وأخذ منه منبج لأنها كانت أقطاعه ، فعند ذلك ازدادت وحشة الشّريف وغيره لما شاهدوه من فعله بأخيه. وكذا كانت سيرته في أصحابه.
وبهذا الطريق فسد حاله ؛ وأما رعيّته فكانوا معه على أجمل حال وأحسنه.
وحيث تحقّق شرف الدّولة اختلال حلب ونواحيها بغارات سليمان جمع