قال أبو نصر بن النحاس : فنزل عليّ من ذلك أمر تمنيت الموت معه ، فخرجت وأنا على غاية من الجزع والتأسّف كيف قضى الله ذلك على يدي ، وجعلت دفعة أعوّل على الهرب ؛ ثمّ إنّي أفكّر في أولادي وأهلي ، وإنّني إن فعلت ذلك أهلكتهم لعلمي بظلم صاحبي ؛ ثمّ إنّ الفرسان متوكّلة بي.
فلمّا اجتمعت به فعلت ما ذكره لي ، ثمّ ودّعته عند استيفاء أكل الخشكنانة ، ورجعت من موضعي مبادرا ؛ وأبعدت من أرض عزاز ، وركبت جنيبا كان معي ، وجدّيت في السّير خوفا من الطّلب.
وصعد أبو محمد إلى المركز ، فوجد مغصا شديدا ورعدة ؛ ثمّ قال : «قتلني أخي أبو نصر اطلبوه». فركبت الخيل خلفه فلم تلحقه.
ووصل أبو نصر فاجتمع بمحمود ، فعرّفه ما جرى. فلمّا كان من ذلك الغد وصل رسول من عزاز يستدعي الشّريف النقيب أبا المعالي الفضل بن موسى وابنه سنان بن أبي محمّد الخفاجيّ ، وجماعة من أهله. وذكر الرسول أنه في السّياق ، فمنع محمود ولده من الخروج ؛ وأمر الشّريف أن يتولّى القلعة إلى أن ينفذ إليها واليا ؛ فولاها بعد خمسة أيام واحدا من أصحابه.
وتوفي أبو محمد في قلعة عزاز في سنة ستّ وستّين وأربعمائة ؛ وقيل سنة أربع وستّين ـ وهو الصّحيح ـ وحمل إلى حلب ؛ وصلّى عليه الأمير محمود بن صالح ؛ وقيل : إنه توفي سنة ثلاث وستّين ـ والأوّل أصحّ ـ ولمّا أحسّ بالموت عمل :
خف من أمنت ولا تركن إلى أحد |
|
فما نصحتك إلا بعد تجريب |