وأمّا محمود بن نصر بن صالح فإنّه سار بعسكره بعد رحيل السّلطان عن حلب ، ومعه بنو كلاب والسّليماني ، في شعبان من هذه السّنة ، فنزلوا بالقرب من بعلبكّ قاصدين دمشق وبلادها ـ وبها يومئذ ابن منزو الكتاميّ ـ حسب ما تقدّم السلطان إليه ، وأقام محمود ليتبينّ ما يفعل.
وكان عمّه عطيّة بن صالح قد صار مع الرّوم مستنجدا بهم على ابن أخيه محمود ؛ وبعد أن قصد المصريّين فلم يحصل على شيء منهم. فخرج عطيّة مع النحت دوقس أنطاكية وعسكر الرّوم ؛ فهجموا معه معرّة مصرين وأحرقوا بعضها ، وقتلوا من قدروا عليه.
وبلغ الخبر محمودا وهو في أرض بعلبكّ فعاد إلى حلب ، وسار السليماني ليلحق بالسّلطان ألب أرسلان ؛ واتصلت غارات الرّوم على الشّام ، فاستنجد محمود «بقرلو التركيّ» ومن معه من الأمراء بفلسطين ، وهم : ابن أخي الملك ابن خان ، وأتسز بن أوق (١) وإخوته. وكانوا أوّل من طلع من التّرك إلى بلاد فلسطين ، وفتحوها ، وأقاموا بها فنزلوا إلى محمود منجدين له ، وأقاموا إلى أن تفرّق عسكر الرّوم.
ودخل عطيّة عمّ محمود إلى قسطنطينّية ، فسقط من سطح كان نائما
__________________
(١) لأتسز بن أوق ترجمة في المقفى للمقريزي كنت قد نشرتها في كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية ص ٢٦٥ ـ ٢٦٨.