فيصير إلى الرّوم». ونقب برج الغنم ، وعلّق (١) ، فظفر أهل حلب بمن دخل ذلك النّقب وأخذوا بعضهم ، ووقع الرّدم على الباقين.
وعصّب الحلبيون برج الغنم بشقة أطلس ، وكان السلطان نازلا بميدان باب قنّسرين ، فسأل عن ذلك فقيل : «هؤلاء الحلبيّون يقولون على سبيل المزح : قد صدّع البرج رأسه من حجارة المنجنيق فقد عصّبوه». فغضب ، وفرّق في تلك الليلة ثمانين ألف فردة نشّاب خلنج (٢) ، غير ما رماه بقيّة العسكر.
وأصبح وأمر بالزّحف فجدّ النّاس في قتال البلد ، وحمل السّلطان بنفسه في ذلك اليوم ، فوقعت يد فرسه في خسف كان هناك ، وأصاب في الحال رأس فرسه حجر المنجنيق فركب غيره ؛ وعاد ، وصرف النّاس عن الحرب بعد أن أشرف البلد على الأخذ إبقاء لحرمة البلد ، وكان عسكره دائرا بالبلد من جميع وجوهه.
ثم إنّ السّلطان راسل الأمراء من بني كلاب وأحضرهم من البرّيّة ، فوصلوا إليه ، وعوّل على تقليد بعضهم وتركه في مقابلة محمود وعوده لأجل ما بلغه من ظهور ملك الرّوم إلى بلاد أرمينية عازما على قصد خراسان.
ولمّا علم محمود بأنّ البلد قد أشرف على الفتح ، وعلم بوصول الأمراء من بني كلاب ، وأنّه إن تم ذلك خرج الشّام من يده ، فراسل السّليمانيّ ـ
__________________
(١) أي حشي بالأخشاب لسند الثغرة قبل اشعال النار فيها بغية بغية انهيار البرج.
(٢) الخلنج حتى الآن بالدارجة : الجديد الذي لم يستخدم بعد.