فأمنهم ؛ وبعث بهم إلى معرة النعمان. ثم أن محمودا سير ولده إلى أنطاكية رهينة ، فوجّهوا قطعة منهم ، وتلقّاه بالجنايب في كلّ منزل بمراكبها ، وجعلوا له كلّ يوم خمسين دينارا ، وخلعوا عليه وعلى أصحابه خلعا سنية ، ووهبوا له في جملة ما وهبوا دبوس ذهب وزنه ثلاثمائة مثقال.
وسار محمود بمن جمعه من العرب ، ومعه ابن خان التركي ومن انضوى إليه من التركمان ، إلى مرج دابق ، فخرج عطية إليهم ، وجمع جموعا كثيرة من العوفيين وغيرهم ، وقصد محمودا والتركمان ، في يوم الخميس حادي عشر جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين ، فالتقوا ، فانهزم عطية إلى حلب ، وتبعه محمود بمن معه.
ونزل على حلب محاصرا لها وفيها عمه عطية وجاءه ظفر المستفادي رسولا من المستنصر ، وهو محاصر حلب ، ولقبوه عظيم أمراء العرب عضد الدولة ، سيف الخلافة ، ذو الفخرين ؛ وكان يلّقب أولا عزّ الدّولة ، وشمسها ؛ فبقي محاصرا حلب مائة يوم ويومين.
ثم سلّمها إليه عمه أسد الدّولة بن صالح بعد حصار شديد وجوع عظيم ؛ وأخذ عمه عطية الرحبة ، وعزاز ومنبج ؛ وبالس ، وجميع الضياع التي شرقي حلب وشماليها ؛ وأخذ محمود حلب وقبليها ؛ واصطلحا صلحا خالصا ذلت به لهما العرب (١).
__________________
(١) يعد دخول ابن خان حدثا هاما في تاريخ حلب وبلاد الشام ، وقد عالجت هذه المسألة وتقصيت ما ورد في مختلف المصادر حول ابن خان هذا. إمارة حلب ص ١٣٣ ـ ١٣٦.