ففتح حصن أرتاح ، فراسلوه في الصّلح ، فأرسل إليهم شافع بن الصّوفي يقول : «لا أجيب إلى الصّلح إلا على أن تهدموا الحصنين المجدّدين ، وأن يكون ليلون للمسلمين ، لا علقة لهم فيه ، ويحملون عن حصن أرتاح مالا ويردّه عليهم» فضمنوا ذلك.
فرحل في الثّاني من جمادى الآخرة ، ودخل إلى حلب ، ولم يف الرّوم إلا ببعض ما ضمنوا له من الشّروط.
وبلغ معزّ الدّولة أن قوما من أحداث حلب مضوا إلى أنطاكية ، وتحدّثوا مع واليها في تسليم معرّة مصرين ، والتدرّج منها إلى غيرها ، وقالوا له : «حزبنا في حلب وأصحابنا تحت أوامرنا». فلمّا صحّ عند معزّ الدّولة ذلك ، طلبهم وأحضر منهم قوما وقتلهم. وهم : ابن أبي الريحان ، وابن مطر ، وابن الشّاكري ، وبهلول ؛ وصلبهم ، وترك باقيهم ؛ وذلك في شهر رمضان من سنة أربع وخمسين.
وكبس الرّوم في شوّال مريمين (١) العقبة ، وأحرقوها ، ونهبوها ، وأدركهم الأمير منصور بن جابر ، والأمير حارثة بن عبد الله ؛ وظفروا بالرّوم على كثرتهم وقلّة المسلمين ؛ فقتلوا من الرّوم مقدار ألف وخمسمائة.
__________________
(١) عدّ ياقوت مريمين من قرى حلب المشهورة.