وتبيّن لنصر بعد قليل كذب ذلك النصرانيّ الكاتب ، وما كان يحرّفه في رسالته فقبض عليه ، وطالبه بمال ؛ فلما استصفى ماله دخل عليه بعض أجناد القلعة فخنقه في ذي القعدة. وقيل ذي الحجة من سنة خمس وعشرين وأربعمائة.
ودام نصر بن صالح في مملكة حلب إلى سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وقتل في المصاف بينه وبين أمير الجيوش الدّزبري.
وذلك أن أمير الجيوش استقرّ بدمشق ، بعد قتله صالح بن مرداس بالأقحوانة ؛ فسعى جعفر بن كليد الكتامي والي حمص في إفساد ما بين نصر بن صالح وأنوشتكين الدّزبري. وكان عند أنوشتكين استعداد لذلك لقتله صالحا أباه ؛ فشرع جعفر بن كليد يغري أنوشتكين بنصر ، ويحمله على أذاه حتى خرجا إلى الوحشة والمنافرة.
فكاتب الدّزبري ملك الروم ، واستأذنه في محاربة نصر ، واستنقاذ حلب منه ، وأن يؤدّي ما عليه من الحمل المقرّر إليه ، فأذن له في ذلك ، فاستمال الدّزبري جميع العرب من : الطائيّين ، والكلبيّين ، وبعض الكلابيين ، وسيّرهم إلى نصر بن صالح ومعهم رافع بن أبي اللّيل. ومن قبله من المغاربة ، واجتمع إليه علان بن حسّان بن الجرّاح الطائي.
ورحل الدّزبري قاصدا حماة ، وكان عسكره قد تقدّم إلى وادي الملوك ، شرقيّ الرّستن ؛ فحين عرف نصر بخروجهم جمع بني عمّه وعسكره ؛ ونزل تلا غربيّ سلمية ، والتقوا فكسر نصر وأصحابه ، وشرع في جمع من قدر