وقيل : إنّ أهل «حاس» (١) قرية بمعرّة النّعمان ـ قتلوا حماه ، وكان يقال له الخوري ، وكان من أهل تلمنّس لأذّيته لهم ؛ فحين سمع تاذرس بقتل حميه الخوري ، خرج في عسكر حلب ؛ وطلب أهل «حاس» في الجبال والضّياع ؛ وهرب القاتلون إلى أفامية ، فلحقهم ، فسلّمهم إليه واليها.
فكتب إلى صالح يستأذنه في قتلهم ، فأذن له فقتلهم ، وصلبهم ، فلما أنزلوا عن الخشب ليصلّى عليهم ويدفنوا ، صلّى عليهم خلق عظيم.
وقال الناس حينئذ ، يكايدون النّصارى : «قد رأينا عليهم طيورا بيضا ، وما هي إلا الملائكة» ، فبلغت هذه الكلمة تاذرس ـ لعنه الله ـ فنقمها على أهل المعرّة ، واعتدها ذنبا لهم.
فاتفق أن صاحت امرأة في الجامع ، يوم الجمعة ، وذكرت أنّ صاحب الماخور أراد أن يغصبها نفسها ، فنفر كلّ من في الجامع إلا القاضي والمشايخ ؛ وهدموا الماخور ، وأخذوا خشبه ؛ وكان أسد الدّولة صالح في صيدا ، سنة سبع عشرة وأربعمائة.
فلمّا توجّه إلى حلب ، سنة ثمان عشرة ، لم يزل به تاذرس حتى اعتقل مشايخ المعرّة وأماثلها ، فاعتقل منهم سبعين رجلا ، وقطع عليهم ألف
__________________
(٢) حاس : قرية في جبل الزاوية ، تتبع ناحية كفرنبل ، منطقة معرة النعمان ، محافظة ادلب ، تبعد آثارها عن المعرة ٩ كم إلى الجنوب الغربي منها. المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري.