سيف الدولة مستنجدا بأخيه سيف الدولة إلى حلب ومعه جميع أولاده عندما قصد معز الدولة الموصل. وتلقاه سيف الدولة على أربع فراسخ من حلب ، ولما رآه ترجل له. وأنفق سيف الدولة عليه وعلى حاشيته ؛ وقدم لهم من الثياب الفاخرة والجوهر ما قيمته ثلاثمائة ألف دينار.
وكان يجلس ناصر الدولة على السرير ؛ ويجلس سيف الدولة دونه. ولما دخل دار سيف الدولة وجلس على السرير ؛ جاء سيف الدولة لينزع خفه من رجله ؛ فمدّهما إليه ، فنزعهما بيده. وصعب على سيف الدولة لأنه قدّر أنه إذا خفض له نفسه إلى ذلك رفعه عنه ، فلم يفعل ذلك إظهارا لمن حضر أنه وإن ارتفعت حاله ، فهو كالولد والتبع. وكان يعامله بأشياء نحو ذلك قبيحة كثيرة فيحتملها على دخن. وتحمل عنه سيف الدولة لمعز الدولة مائتي ألفا من الدراهم حتى انصرف عنه (١).
وفي هذه السنة مات قسطنطين بن لاوي (٢) ملك الروم ، وصيّر نفقور بن الفقّاس دمستقا على حرب المغرب ، وأخاه ليون بن الفقاس دمستقا على حرب المشرق ؛ فتجهّز ليون إلى نواحي طرسوس (٣) ، وسبى ، وقتل ، وفتح
__________________
(١) لمزيد من التفاصيل انظر تاريخ يحيى بن سعيد ص ٨٩ ـ ٩٠. أخبار الدولة الحمدانية لعلي ابن ظافر الأزدي ـ ط. دمشق ١٩٨٥ ص ١٨ ـ ١٩.
(٢) هو عند يحيى بن سعيد ص ٩١ «ابن لاون».
(٣) ما تزال طرسوس تحمل الاسم نفسه في تركيه ، وكانت أهم مدن الثغور ، «بها كان يقوم سوق الجهاد ، وينزلها الصالحون والعبّاد ، ويقصدها الغزاة من سائر البلاد». اهتم بها ابن العديم وأودع كتابه بغية الطلب موادا ثمينة عنها ج ١ ص ١٧٥ ـ ٢٠٤.