فلما قطع سيف
الدولة الفرات ، أكرم أبا الفتح دون إخوته ، وأركبه معه في العمارية ؛ وجعل سيف الدولة يسأله عن كل قرية يجتاز بها : ما اسمها؟
فيقول أبو الفتح : هذه الفلانية! حتى عبروا بقرية يقال لها «ابرم» وهي قرية قريبة
من الفايا . فقال له سيف الدولة : «ما اسم هذه القرية؟» قال أبو الفتح
: «أبرم». فظن سيف الدولة أنه قد أكرهه بالسؤال. فقال له أبرم من الإبرام. فسكت
سيف الدولة عن سؤاله. فلما عبروا بقرى كثيرة ، ولم يسأله عنها علم أبو الفتح بسكوت
سيف الدولة. فقال له أبو الفتح : «سيدي يا سيف الدولة ، وحقّ رأسك ، إنّ القرية
التي عبرنا عليها اسمها ابرم ، واسأل عنها غيري». فعجب سيف الدولة من ذكائه. فلما
وصل حلب أجلسه معه على السرير.
ودخل سيف الدولة
حلب ، يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول ، من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
وكان القاضي بها
أحمد بن محمد بن ماثل ، فعزله وولّى أبا حصين علي بن عبد الملك بن بدر بن الهيثم
الرقي ؛ وكان ظالما ، فكان إذا مات إنسان أخذ تركته لسيف الدولة. وقال : «كلّ من
هلك فلسيف الدولة ما ترك ، وعلى أبي حصين الدّرك» .
__________________