فخرج أبو بكر بن رائق في شهر ربيع الآخر من سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. وقيل : دخل حلب في سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وسار عنها إلى قتال الأخشيذ محمد بن طغج بن جف (١) الفرغاني ؛ وولى في حلب نيابة عنه خاصة محمد بن يزداذ.
وجرت بين أبي بكر بن رائق والإخشيذ وقعة انهزم فيها الإخشيذ ؛ وسلّم دمشق إلى ابن رائق ، واقتصر على الرملة ومصر.
ثم وقع بينهما وقعة أخرى في الجفار (٢) ، أسر فيها أبو الفتح مزاحم بن محمد بن رائق ، فرجع في عدة يسيرة حتى يخلّص ابنه ، فقتل أبو نصر بن طغج ؛ فكفنه ابن رائق ؛ وجعله في تابوت ؛ وأنفذه إلى أخيه الإخشيذ مع ابنه مزاحم ؛ وقال : «ما أردت قتل أخيك ؛ وهذا ولدي قد أنفذته إليك لتقيده به». فخلع الإخشيذ عليه ؛ وأعطاه مالا كثيرا ، ورده. وذلك في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.
ثم أن أبا بكر محمد بن طغج الإخشيذ سيّر كافورا الخادم من مصر ، ومعه عسكر وفي مقدمته أبو المظفر مساور بن محمد الرومي ، أحد قواد الإخشيذ ؛ فوصل إلى حلب ؛ فالتقى كافور ومحمد بن يزداذ الوالي بحلب
__________________
(١) لابن طغج ترجمة واسعة في كتاب المقفى للمقريزي ج ٥ ص ٧٤٥ ـ ٧٥٢.
(٢) في رواية المقريزي أن المعركة وقعت باللجون ، واللجون عند ياقوت بلد بالأردن على عشرين ميلا من طبرية ، وجاء عند ياقوت أيضا : الجفار : أرض من مسيرة سبعة أيام بين فلسطين ومصر.