كل منا لنفسه خيمة من عيدان ربطنا عليها الحصر. وفى العصر زارنا أخو الأمير ، وفى الغد أقبل الأمير نفسه ، فتقاضانا نصف ريال عن كل عبد ، وهى الإتاوة المقررة. ولما كان التجار السود يحملون بضاعة لا رسوم محددة عليها ، ولما كان هناك شك فى أنهم يحملون فى حقائبهم ذهبا ، فقد تم الاتفاق وديا على أن يأخذ الأمير جملين من جمالهم ـ وكان لهم به معرفة قديمة. ويتقاضى رئيس القافلة من كل تاجر غير حدربى ريالا فوق ذلك. أما أنا فقد اشتهر جملى فى القافلة بشدته وخفته اشتهارا حمل الأمير على طلبه منى ، فزعم لى أن كل إبل يجلبها التجار الأعراب من السودان هى حق له غير منازع ، لذلك أصر على الاستيلاء على جملى. وكنت قد رتبت أن أبيعه هنا لأوفى أجرة سفرى إلى جدة ، وكنت على ثقة من أن مثل هذا القانون لا وجود له ، لذلك أبيت أن أذعن لطلب الأمير ، وأصررت على الاختصام إلى الجابى التركى ، ولا غرو فأنا الآن فى بلد أستطيع أن أفيد فيه من الفرمان الذى أعطانيه إبراهيم باشا ، ومن فرمان قديم كان قد أعطانيه أبوه محمد على حين غادرت القاهرة قبل ثمانية عشر شهرا ، وذلك قبل ذهابه إلى الحجاز. ولكنى أمسكت عن الإشارة إلى الفرمانين لجهلى بطباع هؤلاء البدو ومدى طاعتهم لسلطان الباشا ، واكتفيت بطلب الاحتكام إلى الأغا وأعلنت أننى سأنزل على حكمه من فورى إذا أمرنى بتسليم جملى. وكان الأمير قد منعنى ـ من أول يوم وصلنا فيه ـ من العبور إلى الجزيرة ، أما الآن فقد بيّنت أن يأتمر مع الأغا نفسه على سلب هذا الذى خاله مستضعفا لا يبسط عليه أحد حمايته. فأبلغ نبأ وصولى إلى الأغا ، وما عتم أن صحبنى بنفسه إلى بيت الأغا بالجزيرة. ودخلنا على الرجل فألفيناه جالسا يستمع إلى بعض الملاحين ، فانحنيت له احتراما ، أما هو فقد وجّه إلىّ الخطاب بالتركية بعبارات لا يخاطب بها غير الخدم ، فلما لم أجب بالتركية صاح بالعربية يسبنى ويزعم أننى أتظاهر بجهلى التركية مع أننى قادم من عند إخوانى المماليك بدنقلة. والواقع أننى كنت أبدو ـ بسحنتى ولحيتى ـ أشد شبها بالمماليك منى بأى جنس آخر من المشارقة ولكن كل فرد بالقافلة كان يعلم أننى قدمت من مصر إلى شندى ، وأننى لا أمت