فرْيَ الأهُبَ (١) بشبا الشفار (٢) ، واما اللّينُ فهيهاتَ ، إلا خُفيةَ الموت إذ يرتقبُ غفلة الطالب ، فإنا على مُداجاةٍ (٣) ولم نُبدِ صَفَحاتنا بعدُ ، وليس دون الدَّم بالدم مَزْحَل (٤) إذ لا يخفى عند ذوي المعرفة والمروءة ان العار منقصة والضعفَ ذلّ ، أيَخْبطُ قتلة عثمان زهوة الحياة الدنيا ، ويسقون برد العين ، وكما يمتطوا الخوف ، ويستحلسوا (٥) الحذر مع بعدُ مسافة الطَّرد (٦) ، وامتطاء العقبة الكئود (٧) وفي الرحلة ؟
لا دُعيتُ لعقبة ! ان كان ذلك ، حتى انصب لهم حرباً ، تضع الحوامل لها اطفالها ، فقد ألْوَت (٨) بنا المسافة ، ووردنا حياض المنايا ، وقد عَقلتُ نفسي على الموت عقل البعير ، واحتسبتُ اني قتيل ثاني بعد عثمان أو أقتل قاتله ، فعجِّل عليّ بما تتوقاه من رأيك الحسن (٩) ، فإنا منوطون بِكَ منتظرون لوعدك متبعون لعقبك ، [ ليس لنا من مخالفٍ لامرك ] (١٠) ، ولم احسب الحالَ يتراخى بك الى هذه الغاية لما انا خائف
__________________
(١) الاهب : اخذ للسفر أَهبته وتأهب له.
(٢) شبا الشفار : الشفرة الحادة.
(٣) المداجاة : المداراة.
(٤) مزحل : مَبْعَد ، من زحل مال عنه ، ودخل عليه فزحل له عن مكانه.
(٥) استحلس فلان الخوف : إذا لم يفارقه الخوف.
(٦) طرد : طرده طَرْداً وطَرَداً ، وطرّده وأطرده : ابعده ونحاه.
(٧) العقبة الكئود : الصعبة.
(٨) ألوى بهم الدهر : أهلكهم.
(٩) في الجمهرة : فعجل عليَّ ما يكون من رأيك.
(١٠) لم ترد في الجمهرة.