نَفَسك امتهانَ مَن ييأس القوم من نصره وانتصاره ، وابحث عن أمورهم بَحْثَ الدّجاج عن حَبِّ الدُّخَن عند فقاسها ، وأنغل (١) الحجاز فأني مُنغل الشام ، والسلام (٢).
وكتب الى سعيد بن العاص :
اما بعدُ ، فقد ورد عليّ كتاب مروان بن الحكم من ساعةٍ حين وقعت النازلةُ ، تصل بها البُرُد (٣) بسير المطيّ الوَجيف (٤) ، يتوجس (٥) كتوجُّس الحيَّة الذَّكر خوف ضربة الفأس وقبضة الحاوي (٦) ، ومروان لا يكذبُ أهله ، فعلام الافكاك (٧) يابن العاص ولات حين مناص ؟ وذلك انكم يا بني اميّة عمَّا قليل تسألون أَدْنى العيش من ابعد المسافة ، فَيُنكِرُكم من كان بكم عارفاً ، ويصدُّ عنكم مَن كان لكم واصِلاً ، فتتفرقون في البلاد ، وتتمنون لمظة (٨) المعاش.
الا وان امير المؤمنين عُتِبَ عليه فيكم ، وقُتِلَ في سببكم ، فقبيح القعود عن نُصرته ، والطلب بدمهِ ! وانتم بنو اميّة ، ودون الناس منه
__________________
(١) انغل الحجاز : اي افسدهُ.
(٢) جمهرة رسائل العرب ١ : ٣٠١.
(٣) البُردُ : جمع بريد.
(٤) وجف الفرس : عدا.
(٥) تتوجس : تسمع الى الصوت الخفي.
(٦) الحاوي : جامع الحيّات.
(٧) الافكاك : التراخي.
(٨) اللماظة : ما يبقى في الفم من الطعام.