على بيوتِ الاموال والخزائن ، وتهيّأ ليُبايَعَ له ، فلما قُتِلَ عثمانَ مالَ الناسُ الى عليّ بن ابي طالب عليهالسلام ، ولم يَعْدلُوا به طلحة ولا غيرهُ ، وخرجوا في طلب علي يقدُمُهُم الاشتر ، ومحمدُ بنُ ابي بكر ، وعمارُ بن ياسر حتى أتوا علياً عليهالسلام وهو في بيتٍ سَكَنَ فيه ، فقالوا له : بايَعْنا على الطاعة لك ، فتلكأ ساعةً ، فقال الاشترُ : يا عليُّ إنّ الناس لا يعدلُونَ بك غيرك ، فبايعْ قبلْ ان تختلف الناسُ ، قال : وفي الجماعة طلحةُ والزبيرُ فظننتُ أنْ سيَكون بينَ طلحة والزبير وعليٍّ كلامٌ قبل ذلك ، فقال الاشترُ لطلحة : قُمْ يا طلحةُ فبايعْ ، قُمْ يا زبيرُ فبايعْ ، فما تنتظران ؟
فقاما فبايَعا وأنا أرى أيْديهُما على يدِهِ يصفقانِها ببيعته ، ثمّ صَعَد عليُّ بنُ ابي طالب عليهالسلام المنبر فتكلّم بكلام لا احفظه ، إلا أنّ الناسَ بايُعوهُ يومئذٍ على المنبر وبايُعوهُ من الغدِ ، فلمّا كان اليومُ الثالثُ خرجتُ ولا أعْلَمْ ما جَرى بعدي.
فقالت : يا اخا بني بَكْرٍ ، انتَ رأيت طلحةَ بايعَ عليّاً ؟ فقلتُ : إي والله ، رأيتهُ بايعهُ ، وما قلتُ إلا ما رأيتُ ، طلحةُ والزبيرُ أوّلُ من بايعهُ. فقالت : إنا لله ! أُكْره ـ والله ـ الرجلُ ، وغصبَ عليُّ بنُ ابي طالب أمْرَهم وقُتلَ خليفةُ اللهِ مظلوماً ! رُدَّوا بغالي ، رُدُّوا بغالي. فرجعتْ الى مكَّةَ ، قال : وسِرْتُ معها فجعلتْ تسألني في المسير وجعلتُ أخبرها بما كان ، فقالت لي : هذا بعدي وما كُنْتُ أظنُّ أنّ الناسَ يَعْدلُون عن طلحةَ مع بلائِهِ يومَ اُحُد.
قلتُ : فإنْ كان بالبلاءِ فصاحِبُهُ الذي بُويعَ أشَدُّ بلاءً وعناءً.