مقدمة المحقّق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
فيما أبدع العلماء المسلمون من آثار مختلفة في التدوين التاريخى نوع خاصّ يدعى تاريخ المدن ، وهو أوسع من تاريخ محض لمدينة ما ، فهو كتاب تراجم وسير لعلمائها ، ولو ضمّ شيئا من تاريخها وجغرافيتها. ولم يبق من هذه الآثار غير عدّة ضئيلة من أهمّها تاريخ نيسابور لأبي عبد الله محمّد بن عبد الله المعروف بابن البيّع المتوفّى ٤٠٥. وكانت نيسابور قد نمت وزهق في عهد الطاهريين لكونها حاضرة خراسان ، وغدت محطّ أنظار العلماء والمحدّثين.
ولآزدهارها الاقتصاديّ وما إليه في العهد السامانيّ أصحبت من المراكز العلمية المهمّة في العالم الإسلاميّ. وازدادت أهميتها في العهد الغزنوي ببناء المدارس المتعدّدة فيها. وعند ما جاءها الأتراك السلاجقة سنة تسع وعشرين وأربع مئة كانت من عواصم العلم الشافحة في العالم الإسلاميّ. كلّ هذه الأمور دعت إلى وضع كتاب في تاريخها وأحوال علمائها الأموات والأحياء وهذا ما أنجزه الحاكم النيسابوري بتأليف تاريخ نيسابور. (١)
وكان هذا التاريخ موجودا في القرن الثامن ، فتاج الدّين السّبكيّ المتوفّى سنة إحدى وسبعين
__________________
(١). في شأن تواريخ خراسان المحليّة انظر : (التواريخ المحليّة لإقليم خراسان : المضبوع في البصرة ١٩٩٠) فيه فهرس كامل للآثار المكتوبة في تواريخ خراسان المهمّة وبيان كامل عن كلّ منها.