يزيد بن أبى حبيب أنه قال افتتح عمرو بن العاصي الاسكندرية فسكنها المسلمون فى رباطهم ثم قفلوا ثم غزوا وابتدروا إلى المنازل فكان الرجل يأتى المنزل الذي كان ينزله فيجد صاحبه قد نزله وبدر إليه ، فقال عمرو : إنى أخاف أن تخرب المنازل إذا كنتم تتعاودونها.
فلما غزا فصاروا عند الكريون قال لهم سيروا على بركة الله فمن ركز منكم رمحا فى دار فهي له ولبنى أبيه ، فكان الرجل يدخل الدار فيركز رمحه فى بعض بيوتها ويأتى الآخر فيركز رمحه كذلك أيضا فكانت الدار بين النفسين والثلاثة فكانوا يسكنونها فإذا قفلوا سكنها الروم ، فكان يزيد بن أبى حبيب يقول : لا يحل لأحد شيء من كرائها ولا تباع ولا تورث إنما كانت لهم سكنى أيام رباطهم ، فلما كان قتالها الآخر وقدمها منويل الرومي الخصى أغلقها أهلها ففتحها عمرو وأخرب سورها ، قالوا ولما ولى عمرو وردان مولاه الاسكندرية ورجع الفسطاط فلم يلبث إلا قليلا حتى أتاه عزله فولى عثمان بعده عبد الله بن سعد بن أبى سرح بن الحارث أحد بنى عامر ابن لؤي ، مكان أخا عثمان من الرضاعة وكانت ولايته فى سنة خمس وعشرين ويقال : أن عبد الله بن سعد كان على خراج مصر من قبل عثمان فجرى بينه وبين عمرو كلام فكتب عبد الله يشكو عمرا فعزله عثمان وجمع العملين لعبد الله بن سعد وكتب إليه يعلمه أن الاسكندرية فتحت مرة عنوة وانتقضت مرتين ويأمره أن يلزمها رابطة لا تفارقها وأن يدر عليهم الأرزاق ويعقب بينهم فى كل ستة أشهر.
وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي أن ابن هرمز الأعرج القارئ كان يقول : خير سواحلكم رباطا الاسكندرية فخرج إليها من المدينة مرابطا فمات بها سنة سبع عشرة ومائة.