عمرو بن نوفل بن عبد مناف ابن قصى وحمل عبادة بن الصامت امرأته أم حرام بنت ملحان الأنصارية وذلك فى سنة ثمان وعشرين بعد انحسار الشتاء ويقال فى سنة تسع وعشرين فلما صار المسلمون إلى قبرس فأرقوا إلى ساحلها ـ وهي جزيرة فى البحر يكون فيما يقال ثمانين فرسخا فى مثلها ـ بعث إليهم أركونها يطلب الصلح وقد أذعن أهلها به فصالحهم على سبعة آلاف ومائتي دينار يؤدونها فى كل عام ، وصالحهم الروم على مثل ذلك فهم يؤدون خراجين واشترطوا أن لا يمنعهم المسلمون أداء الصلح إلى الروم واشترط عليهم المسلمون أن لا يقاتلوا عنهم من أرادهم من ورائهم وأن يؤذنوا المسلمين بسير عدوهم من الروم ، فكان المسلمون إذا ركبوا البحر لم يعرضوا لهم ولم ينصرهم أهل قبرس ولم ينصروا عليهم.
فلما كان سنة اثنتين وثلاثين أعانوا الروم على الغزاة فى البحر بمراكب أعطوهم إياها فغزاهم معاوية سنة ثلاث وثلاثين فى خمسمائة مركب ففتح قبرس عنوة فقتل وسبى ، ثم أقرهم على صلحهم وبعث إليها باثنى عشر ألفا كلهم أهل ديوان فبنوا بها المساجد ، ونقل إليها جماعة من بعلبك وبنى بها مدينة وأقاموا يعطون الأعطية إلى أن توفى معاوية وولى بعده ابنه يزيد فاقفل ذلك البعث وأمر بهدم المدينة وبعض الرواة يزعم أن غزوة معاوية الثانية قبرس فى سنة خمس وثلاثين.
وحدثني محمد بن مصفى الحمصي عن الوليد ، قال : بلغنا أن يزيد بن معاوية رشا مالا عظيما ذا قدر حتى أقفل جند قبرس ، فلما قفلوا هدم أهل قبرس مدينتهم ومساجدهم. وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد السلام بن موسى عن أبيه ، قال : لما غزيت قبرس الغزوة الأولى ركبت أم حرام بنت ملحان مع زوجها عبادة بن الصامت فلما انتهوا إلى قبرس خرجت من المركب وقدمت إليها دابة لتركبها فعثرت بها فقتلتها فقبرها بقبرس يدعى قبر المرأة