الحاكم فى المستدرك. وما هو أحب البقاع إلى الله يكون أفضل. والظاهر : استجابة دعائه صلىاللهعليهوسلم.
وقد أسكنه الله المدينة الشريفة ؛ فتكون أفضل البقاع ، وله أدلة أخرى من الأحاديث الشهيرة ، وبين الطائفتين نزاع ومشاحنات ؛ والله أعلم.
* * *
وأما حكم المجاورة بمكة شرفها الله تعالى :
فذهب إمامنا الأعظم ؛ أبو حنيفة (رضى الله تعالى عنه) ، وبعض أصحاب الشافعى ، وجملة من المحتاطين فى دين الله (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) كراهة المقام بمكة وذلك لخوف سقوط حرمة البيت الشريف فى نظره ، وقلة الاحترام بالأنس والبسط إلى أن يذهب من قلبه الاحترام والهيبة بالكلية ، فيصير بيت الله الحرام فى نظره القاصر كسائر البيوت والعياذ بالله تعالى ، أو ينقص الهيبة والحرمة الأولى فى نظره كما هو شأن سائر الناس فى الأكثر إلا من عصمه الله تعالى ، وحيث كان هو الأكثر من حكم الناس أنيط به حكم الكراهة ، فإقامة المسلم فى وطنه وهو مشتاق إلى مكة باق حرمتها فى نظره خير له ، وأسلم من مقامه بمكة من غير الاحترام لها ، أو مع نقصان احترامه ؛ وهذا ملحظ إمامنا الشافعى رضياللهعنه ولهذا كان عمر رضياللهعنه يدور على الحاج بعد قضاء النسك بالدرة ، ويقول : يا أهل اليمن يمنكم ، ويا أهل الشام شامكم ، ويا أهل العراق عراقكم ؛ فإنه أبقى لحرمة ربكم فى قلوبكم.
وقال أبو عمرو الزجاجى : من جاور بالحرم وقلبه متعلق بما سوى الله تعالى فقد ظهر خسرانه.
وقال بعض السلف : كم من رجل بخراسان وهو أقرب إلى هذا البيت ممن يطوف به ، وقال : وقيل :
وكم من بعيد الدار نال مراده |
|
وكم من قريب الدار مات كئيبا |
وقال ابن مسعود : ما من بلد يؤاخذ فيه بالهم قبل العمل إلا مكة.