وإحسانهم متواصل
إلى كافة الأنام ، سيما جيران بلد الله الحرام ، وجيران نبيه الأطهر (عليه أفضل
الصلاة والسلام).
فإنهم فازوا
بإنعاماته الوافرة فى أيام هذه الدولة الزاهرة ، وحازوا من الصدقات المتكاثرة فى
نوبة هذه السلطنة القاهرة ، ما لم يتصوره من الدول الماضية العابرة ، فالله تعالى
يديم علينا سلطانهم ، كما دام علينا بركتهم وإحسانهم ، ومما جدد الأمير مصلح الدين
المذكور بنا مقام الحنفية ، فإنه كان مسقفا على أربعة أعمدة فى صدر محراب عمل فى
سنة ٩٠١ ه ، فأراد أن يوسعه ويجعله قبة فأمر بعقد مجلس ، حضر فيه القضاة الأربعة
والأئمة والعلماء والأعيان ، وقال لهم : إن الإمام الأعظم أبا حنيفة النعمان ، روح
الله تعالى ، روحه الشريف بروائح الروح والريحان ، والرحمة والرأفة والرضوان ؛
جدير بأن يكون له فى هذا المسجد مقام ، يجتمع فيه أهل مذهبه ومقلدوه ، ويكون أوسع
من هذا المقام.
فذكر بعض العلماء
أنه لا شك فى عظم كل واحد من الأئمة (رضوان الله عليهم أجمعين) ، غير أن تعدد
المقامات فى مسجد واحد فى استقلال أهل كل مذهب باء مام ما ؛ أجازه كثير من العلماء
، وأن تعدد هذه المقامات فى وقت حدوثه ؛ أنكره العلماء غاية الإنكار فى ذلك العهد.
ولهم فى ذلك العصر
رسالات متعددة باقية بأيدى الناس إلى الآن ، وأن علماء مصر ، أفتوا بعدم جواز ذلك
، وخطئوا من قال بجوازه ، ثم انقض المجلس على غير اتفاق.
ثم ذكر القاضى
بديع الزمان الضياء الحنفى أنه جده القاضى أبا البقاء بن الضياء أفتى بجواز هلك ،
فشرع الأمير مصلح الدين فى إتمام ما قصده ، وهدم تلك السقيفة ، ووسع المكان ، وعمل
قبة من الحجر الأصفر والأحمر الميس ، وأصرف على ذلك ذهبا كثيرا.
واستمر مقاما يصلى
فيه الحنفية بالحنفيين إلى أن غيره الأمير خوش كلدى أمير بندر جده ، وهدم وبنى
المقام مربعا ، ذا طبقتين ، جعل الطبقة العليا