سوى ذلك يعيش فيه الملائكة والشياطين ، فتستقر معهم النفوس الصالحة والطالحة. وفي ذلك العالم مدن وبيوت وكنائس. وللنفوس الشريرة أيضا كنائس تصلي فيها وترتل وتحتفل بآلات الطرب ، وهي تعيّد كما في هذا العالم. وحينما يدنو الإنسان من ساعة الموت ، يأتي ثلاثمائة وستون شيطانا ويحملون روحه إلى محل مليء بالثعابين والكلاب والأسود والنمور والأبالسة. فإن كانت الروح لإنسان شرير ، مزقته تلك المخلوقات إربا إربا ، وإن كانت لانسان صالح ، فإن الروح تزحف تحت بطون هذه المخلوقات إلى حضرة الله الجالس على كرسي جلاله لإدانة العالم. وهناك أيضا ملائكة تزن أرواح البشر في ميزان ، فإن ظهر المرء صالحا تمتع بالمجد حالا. وهم يعتقدون أن الأبالسة رجال ونساء ، وأنهم يتوالدون ، وأن الملاك جبرائيل (١) هو ابن الله ، حبل به من النور ، وأن له بنتا تدعى سوريت (Souret) لها ابنان. وأن بإمرة جبرائيل سبع فرق من الشياطين ، هم بمثابة الجنود ورجال العدل ، يبعث بهم من مدينة إلى مدينة ومن بلدة إلى أخرى ليعاقبوا الأشرار.
أما عن الأولياء ، فيعتقدون أن المسيح تلمذ اثني عشر حواريا ليعظوا الأمم. وأن العذراء مريم ليست ميتة ، إنما تحيا في مكان ما في العالم على الرغم من أنه ليس من يقول أين هي. ويليها مار يوحنا وهو أعظم أولياء الجنة. ويليه زكرياء وإليصابات ، ويروون عنهما كثيرا من الأعاجيب والأقاصيص
__________________
وبين الجنة والنار شيء ثالث هو ما يسمونه «المطراثي» أي المطهر. وفي هذا المحل تعذب الأرواح التي ارتكبت ذنوبا بسيطة ويكون عذابها لأمد محدود ثم تنتقل من مواضعها في عالم النور. ويعتقدون أن «اور» الذي يلتهم الأشرار يأتي من عالم الشياطين ، وأن عالم النور مملوء بالملائكة الصالحين. (عن الأستاذ عبد الجبار عبد الله).
(١) يعتقدون أن الله لم يلد ولم يولد. وأن جبرائيل هو ابن أحد الملائكة الصالحين الذي يسمونه «مند اوهي» وليس ابن الله. ولم يكن لجبرائيل بنت ، بل له ابن اسمه «ايثاهيل». ولا يعتقدون بأنه يتأثر بالشياطين كما يذكر المؤلف ولكن هناك خرافات كثيرة بطلها جبرائيل ، وحوادثها تدور في الجنة وفي بلد الشياطين ، يمكنك الاطلاع عليها في كتاب «الكنزا». (عن الأستاذ عبد الجبار عبد الله).