الفصل الرابع
من الكتاب الثاني من الرحلة
الطريق بين حلب وأصفهان ، عبر ما بين النهرين وبلاد آشور ،
وهو الطريق الذي سلكته في رحلتي الثالثة الى الهند وجزرها
في رحلتي الثالثة إلى الهند وجزرها ، قمت من باريس في السادس من كانون الأول سنة ١٦٤٣ ، وذهبت إلى ليغرن (١) (Ligorn) فوجدت الاسطول الهولندي على أهبة الاقلاع إلى بلاد المشرق (Levant). ويبدو على السفينة التي أقلتني أنها أشبه بمركب حربي منها بمركب تجاري. ثم عبرنا مضيق مسينة ، ورسونا أمام المدينة أربعة أيام. وبعد أن اجتزنا بحر المورة ، دخلنا الأرخبيل حيث تفرق الأسطول ، كل سفينة بحسب ما تبتغيه من اتجاه. فأبحرت سفينتنا رأسا إلى مينا الإسكندرونة. بالرغم من أن الريح كان مؤاتية لسير السفينة ، فقد صدتنا سفينة قرصان مدة من الزمن وأعاقت سيرنا ، عندما كنا على بعد من ساحل جزيرة كاندي (٢) الشرقي. ولقد حاولنا التخلص منها ، ولكن القرصان كانت لهم اليد العليا. فتأهبنا لمناجزتهم. ثم أطلق القرصان علينا من سفينتهم ثلاث طلقات مرقت من فوق مركبنا دون أن تصيبه بأذى ، فرددنا عليها بمثلها من سفينتنا ، فأصابت أولى طلقاتنا صاري المقدمة ، والثالثة أصابت مرقب السفينة ، وقتلت من رجاله كما لاحظنا ذلك. وفي تلك الهنيهة صرخ أحد بحارتنا من أعلى رأس الصاري قائلا : سفينة من الجنوب! فولى عنا القرصان ليتعقبوها ، وسررنا نحن بالنجاة منهم. ثم تابعنا سفرنا إلى الاسكندرونة فوصلنا إليها مغتبطين. ومنها أخذت حصانا إلى حلب كما مر وصفه.
__________________
(١) ميناء في ساحل ايطاليا الغربي ، بين روما وجنوى.
(٢) هي جزيرة كريت. راجع الملحق رقم (٤).