على النصراني إن سمح له بمشاهدتها. وقد كلفني هذا الفضل ستة قروش. ورأيت أيضا كنيسة للأرمن يقولون إن تحت بابها ، عاش القديس الكسيس سبع عشرة سنة عيشته النسكية. ويقوم هذا الباب في وسط رحبة الكنيسة ، في أعالي المدينة. أما كنيستهم الكبرى ، فعلى مسيرة ربع ساعة من المدينة ، بناها القديس أفرام المدفون فيها (١). والدير قائم بكامله ، يحيط به سور لطيف. ولقد شاهدت في الكنيسة نسخة كبيرة من الكتاب المقدس مكتوبة بالحروف الأرمنية. وضريح القديس أفرام في مغارة عند قاعدة الجبل ، يتصل به مصلى فيه ثلاثة أو أربعة قناديل موقدة على الدوام. وهناك مغاور أخرى في أعلى الجبل وأسفله تضم قبورا نصرانية قديمة العهد. إن مدينة أورفا ، تقع في أرض غاية في الخصب ، تمتد شرقا إلى ما وراء البصر. وبالقرب من أسوار المدينة بساتين غناء تسقيها قنوات صغيرة مدت إلى هذه الأنحاء. وتعصر هناك الخمرة الجيدة. وهكذا يتمكن الإنسان أن يعيش في أورفا كما لو يعيش في أي ناحية من نواحي بلاد الترك. ولدى إقامتي فيها ، اصطدت من بساتينها شيئا كثيرا من الدج الصغير (٢). وفي الواقع ، إن الطيور البرية لعلى غاية الكثرة في هذه البقعة وأسوار المدينة مبنية بالحجارة ، وكذلك الشرفات والأبراج. أما البيوت ضمن المدينة فصغيرة الحجم ، حقيرة البناء ، مهدمة. وفي المدينة ميادين
__________________
(١) هو مار أفرام السرياني ، أشعر شعراء الآرميين وأوسعهم شهرة ولد في نصيبين في أوائل المائة الرابعة للميلاد. ثم انتقل منها إلى أدسا ، فانكب حينذاك على الدرس والتأليف وتوفي فيها سنة ٣٧٣ م. ولمار افرام تآليف لا تحصى وضعها بالآرمية ، ضاع الكثير منها وطبع غير واحد مما سلم منها ويغلب على تآليفه النظم. وبينها المواعظ والتسابيح والميامر وشروح الأسفار المقدسة. إن تآليفه قد نقلت من قديم الزمان ، إلى اليونانية والارمنية والقبطية والحبشية واللاتينية والعربية. وبعض هذه النقول قد انتهى إلينا.
(٢) يسمى بالإنكليزيةField ـ Fares وهو على ما في «معجم الحيوان» للمعلوف : الدج الصغير. قال الدميري في وصفه (حياة الحيوان الكبرى ١ : ٣٧٧ من طبعة بولاق سنة ١٢٩٢ ه) إنه «طائر صغير في حد اليمام ، من طير الماء ، سمين ، طيب اللحم ، وهو كثير بالاسكندرية وما يشابهها من بلاد السواحل. قاله ابن سيده».